كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= ثم اعلم أيها الذكي، أن مدار كلامنا هذا كله إنما كان على ذلك اللفظ: (الماء لا ينجسه شئ)، وإلا فللحديث لفظ آخر رواه جماعة عن سماك به أيضًا: وهو قول ابن عباس مرفوعًا: (إن الماء لا يجنب) بدل (لا ينجس) أخرجه أبو داود [٦٨]، والترمذى [٦٥]، وابن ماجة [٣٧٠]، وابن حبان [١٢٤٨]، و [١٢٦١]، وابن أبى شيبة [٣٥٣١]، و [١٥١٤، ٣٦٠٩٣]، والبيهقى في "سننه" [٥٩١٨، ١١٨٦]، والطبرى في "تهذيبه" [٢٠٣٠، ٢٠٣١]، وجماعة غيرهم. وفى أوله زيادة عندهم وهى: (اغتسل بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في جفنة، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضأ منه، فقالت: يا رسول الله: إنى كنتُ جنبًا، فقال: إن الماء لا يجنب) هذا سياق الترمذى.
وهو بنحو هذا السياق عند الدارمى [٢٣٤]، وغيره، ولكن المرفوع منه بلفظ (ليس على الماء جنابة) وهو بهذا اللفظ عند ابن راهويه [٢٠١٦]، والطبرانى في "الكبير" [٢٣/ رقم ١٠٣٠]، وابن شاهين في "الناسخ" [رقم ٥٨]، وابن سعد في "الطبقات" [٨/ ١٣٧]، وجماعة، من طريق شريك القاضى عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن ميمونة به ...
وقد مضى أن شريكًا قد وهم في سنده على سماك، والحديث محفوظ من حديث ابن عباس، وليس من حديث، ميمونة.
ومن طريق شريكًا: أخرجه ابن ماجة [٣٧٢]، والطيالسى [١٦٢٥]، وعنه أحمد [٦/ ٣٣٠]، والدارقطنى في "سننه" [١/ ٥٣]، وجماعة، ولكن مختصرًا بلفظ: (عن ميمونة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ بفضل غسلها من الجنابة) وله سياق آخر عند ابن ماجة [٣٧١]، وغيره، من طريق الثورى عن سماك بإسناده به عن ابن عباس بلفظ: (أن امرأة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسلت من جنابة، فتوضأ واغتسل النبي من فضل وضوئها) وله ألفاظ أخرى نحوه ...
وكل ذلك الاختلاف محمول على الرواية بالمعنى؛ فكلّ يؤدى معنى ما سمعه، وحفظ فيه بعضهم ما لم يحفظ الآخر، غير أنى أرى أن قوله في الحديث (إن الماء لا يجنب) هو الموافق لسياق القصة الوارد فيها؛ وأن قوله: (الماء لا ينجسه شئ) فرع من اللفظ الأول، وإن شئت فَقُلْ: هو رواية بالمعنى له.
والحديث صححه الحافظ في "الفتح" [١/ ٣٤٢]، وعزاه للأربعة وابن خزيمة بلفظ: (الماء لا ينجسه شئ) وهو وهْم منه؛ لأنه ليس عند الأربعة بهذا اللفظ إلا النسائي وجده كما مضى، وإنما هو عند الثلاثة دون النسائي بلفظ (الماء لا يجنب) فانتبه! =

الصفحة 99