. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= أما كلامه في ترجمة (عليّ بن محمد) فيدل على أنه لا يعرفه أصلًا إلا برواية الطبراني عنه فقط، ولذلك لم يذكر عنه شيئًا من طلبه للعلم؛ وكذا لم يُقيِّد وفاته كما فعل في تراجم الآخرين.
أما قول أبى الحسن السليمانى - سدَّده الله: "ولو كان فيه جرح لَنُقلَ" يردُّ عليه أنه لم يُنْقَل فيه توثيق كما مضى، ثم ما دَخْلُ الجرْح هنا في نطاق دَرْءِ الجهالة؟! وَكون الرجل غير مجروح لا يدل على كونه صدوقًا أصلًا، والجهالة ليست بجرح في ذات الراوى وضبطه؛ إلا باعتبار التنكب عن روايته وحسب، على تفصيل في ذلك أيضًا شرحناه في رسالة مفردة في أحكام المجهول وخبره.
فالحاصل: أن (عليّ بن محمد الأنصناوى) شيخ مستور الحال غير مشهور بالعلم، وهو آفة طريق الطبراني الماضى؛ فعاد الحديث إلى رواية عمران بن خالد الخزاعى عن ثابت به ... وقد عرفت حال عمران قبل، وقد خولف الخزاعى في سنده ومتنه، خالفه أثبت أهل الأرض في ثابت البنانى، أعنى شيخ الإسلام حماد بن سلمة، فرواه عن ثابت البنانى فقال: عن أبى المتوكل الناجى عن أم سلمة (أنها يعنى أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فجاءت عائشة مُتَّزِرة بكساء ومعها فهْر، فَفَلَقَتْ به الصحفة، فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين فلقتى الصحفة ويقول: كلوا، غارت أمكم، مرتين، ثم أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحفة عائشة، فبعث بها إلى أم سلمة، وأعطى صحفة أم سلمة عائشة).
هكذا أخرجه النسائي [٣٩٥٦]- واللفظ له - وابن أبى الدنيا في "مداراة الناس -" [رقم ١٥٨]، وفى العيال [٥٦٣]، والطحاوى في "المشكل" [٨/ ١٣٥]، والخطيب في "الأسماء المبهمة" [ص ١٢٨]، وغيرهم بإسناد صحيح إلى حماد به ... فخالفه حماد في سنده ومتنه كما ذكرنا:
١ - أما سنده: فإنه جعله (عن ثابت عن أبى المتوكل عن أم سلمة).
٢ - وأما متنه: فإنه جعل مرسلة الطعام هي (أم سلمة) ولم يذكر في آخره قول أنس: (فصارت قضية ... إلخ) وهذا هو الصحيح عن ثابت البنانى؛ ورواية عمران عنه خطأ كما قاله أبو زرعة الرازى فيما نقله عنه ابن أبى حاتم في "العلل" [١٤٠٠].
ورواية حماد سندها صحيح إن كان أبو المتوكل قد سمع من أم سلمة، وقد توبع ثابت البنانى على الوجه الأول عن أنس: تابعه حميد الطويل على نحو رواية حماد بن سلمة ... كما يأتى عند المؤلف [برقم ٣٧٧٤، ٣٨٤٩].