كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= وأما حديث كعب بن عجرة: فأخرجه ابن أبى الدنيا في الصمت [رقم ١١٠]، ومن طريقه الخطيب في "تاريخه" [٤/ ٢٧٢]، والطبرانى في "الأوسط" [٧/ رقم ٧١٥٧]، من طريقه ابن عساكر في "تاريخه" [٥٠/ ١٤٦]، وغيرهم من طريق أحمد بن عيسى المصرى عن ضمام بن إسماعيل عن يزيد بن أبى حبيب وموسى بن وردان كلاهما عن كعب بن عجرة به نحوه في سياق أتم فيه قصة، وموضع الشاهد منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أبشر يا كعب؟! فقالت أمه: هنيئًا لك الجنة يا كعب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذه المتألية على الله؟! قال: هي أمى يا رسول الله، قال: ما يدريك يا أم كعب؟! لعل كعبًا قال ما لا ينفعه، أو منع ما لا يغنيه).
قال الطبراني: "لم يروه عن كعب إلا موسى بن وردان، تفرد به ضمام".
قلتُ: كأنه ذهل عن كون يزيد بن حبيب قد قُرنَ مع موسى في سنده، وقال المنذرى في "الترغيب" [٤/ ٩٤]: "رواه الطبراني، ولا يحضرنى الآن إسناده إلا أن شيخنا الحافظ أبا الحسن رحمه الله - هو عليّ بن المفضل شرف الدين المقدسى - كان يقول: إسناده جيد".
وتابعه على تجويده: الهيثمى في "المجمع" [١٠/ ٥٦٥]، وكذا شيخه أبو الفضل في "تخريج الإحياء" [٣/ ٦٧]، إلا أنه قال: "أخرجه ابن أبى الدنيا من حديث كعب بن عجرة بإسناد جيد، إلا أن الظاهر انقطاعه بين الصحابى وبين الراوى عنه".
قلتُ: وهو كما قال هذا الإمام الناقد؛ فإن يزيد بن أبى حبيب لم يسمع كعبًا بالاتفاق، أما موسى بن وردان فروايته عن كعب الظاهر أنها مرسلة أيضًا؛ فإن الحافظ ابن عساكر قد ترجمه في "تاريخه" [٦١/ ٢٢٤ - ٢٢٥]، ونص على أن روايته عن سعد بن أبى وقاص وأبى هريرة وأنس وأبى سعيد الخدرى: مرسلة، وهؤلاء جميعًا قد تأخرت وفياتهم - على خلاف في سعد - عن وفاة كعب بن عجرة، فإذا لم يصح له السماع من بعضهم؛ فعدم سماعه من كعب أظهر وأولى، ليس هذا فحسب، بل عندى من إعلال هذا الإسناد المزيد:
١ - فضمام بن إسماعيل مختلف فيه؛ فهو وإن وثقه جماعة ومشاه آخرون؛ فقد قال الأزدى: "يتكلمون فيه" ونقل البرقانى في "سؤالاته" [ص ٣٨/ رقم ٢٣٧]، عن الدارقطنى أنه قال عنه: "متروك" وأورده ابن عدى في "الكامل".
٢ - وأحمد بن عيسى المصرى: مختلف فيه أيضًا، والكلام فيه طويل الذيل، والراجح عندى: عدم اعتماده إلا إذا توبع. فهذا الإسناد أقل أحواله أن يكون إلى الترك أقرب منه إلى الضعف، وقد أشار الحافظ إلى ضعفه في "الإصابة" [٨/ ٢٨٨]. =

الصفحة 628