كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= قلتُ: وعبد الملك ثقة مشهور؛ فالظاهر أن ثويرًا قد اضطرب في رفعه ووقفه كما يأتى بيان ذلك؛ وقال الحاكم عقب روايته من طريق إسرائيل عن ثوير: "هذا حديث مفسر في الرد على المبتدعة؛ وثوير بن أبى فاختة وإن لم يخرجاه؛ فلم يُنْقَم عليه غير التشيع" كذا يجازف، كأنه ما وقف على أقوال أئمته في ثوير، إلا ما وصفوه به من التشيع وحسب، وقد تعقبه الحافظ في "الفتح" [١٣/ ٤١٩]، قائلًا: "قلتُ: لا أعلم أحدًا صرح بتوثيقه، بل أطبقوا على تضعيفه، وقال ابن عدي: الضعف على أحاديثه بيِّن، وأقوى ما رأيت فيه قول أحمد بن حنبل فيه وهو: ليث بن أبى سليم ويزيد بن أبى زياد: ما أقرب بعضهم من بعض".
وقد ضعفوه عن بكرة أبيهم، حتى تركه الدارقطنى وغيره، وقال عنه ابن حبان في "المجروحين" [١/ ٢٠٥]: (كان يقلب الأسانيد حتى يجئ في رواياته أشياء كأنها موضوعة) ثم أسند إلى الثورى أنه قال: "كان ثوير بن أبى فاختة من أركان الكذب".
قلتُ: ولم يكن تشيعه محمودًا أيضًا، بل وصفه غير إمام بالرفض، وهو إلى الترك أقرب منه إلى مطلق الضعف، وقد اضطرب في هذا الحديث على ألوان.
١ - فرواه عن ابن عمر به كما مضى مرفوعًا.
٢ - ثم عاد ورواه عنه به موقوفًا، كما مضى في كلام الترمذى، فهذان لونان من تَلَوُّنه في سنده، ولون ثالث ..
٣ - فرواه عنه الثورى فقال: عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر به ... موقوفًا، فزاد فيه واسطة بينه وبين ابن عمر، هكذا أخرجه الترمذى [عقب رقم ٢٥٥٣، وعقب رقم ٣٣٣٠]، بإسناد صحيح إليه، فهذه ثلاثة ألوان، ولون رابع.
٤ - فرواه عنه عبد الغفار بن القاسم فقال: عن ثوير أن رجلًا حدثه عن ابن عمر به مرفوعًا نحوه في سياق أتم في أوله، هكذا أخرجه أبو نعيم في "صفة الجنة" [رقم ٤٨٢]، لكن عبد الغفار هذا ساقط جدًّا، والطريق إليه واه أيضًا.
• فالحاصل: أن الحديث منكر مرفوعًا وموقوفًا، وقد أعله جماعة بـ (ثوير بن أبى فاختة) منهم: ابن رجب في "فتح البارى" [٤/ ٦٥]، والمناوى في "الفيض" [٢/ ٤٢١]، وأشار إلى ضعفه: المنذرى في "الترغيب" [٤/ ٢٧٨ - ٢٧٩] و [٤/ ٣١٢ - ٣١٣]، وقبله قال الترمذى: "هذا حديث غريب" يعنى ضعيف، كما هي عادته - في الغالب - حينما يطلق تلك العبارة، واللَّه المستعان.

الصفحة 13