كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 9)

قَبْرِهِ فِي رَوْضةٍ، وَيُرَحَّبُ لَهُ قَبْرُة سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَينَوَّرُ لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَتَرَوْنَ فيمَا أُنْزِلَت هَذِهِ الآيَةُ: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤)} [طه: ١٢٤]، قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا المعِيشَةُ الضَّنْكُ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "عَذَابُ الْكَافِرِ فِي قَبْرِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُسَلَّط عَلَيْهِمْ تِسْعَة وَتِسْعُونَ تِنِّينًا، أَتَدْرُونَ مَا التِّنِّينُ؟ قَالَ: تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ حَيَّةً، لِكلِّ حَيَّةٍ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ يَنْفُخونَ في جِسْمِهِ وَيَلْسَعُونه، وَيَخدِشُونَه إِلَى يومِ الْقِيَامَةِ".
---------------
= قلت: وهو كما قال؛ ومداره على دراج أبي السمح، وعنه يقول الهيثمي في "المجمع" [٣/ ١٨٠]، بعد أن عزا الحديث للمؤلف: "وفيه دراج، وحديثه حسن، واختلف فيه" كذا قال، ومن مارس حديث هذا الرجل، يظهر له بجلاء: أنه شيخ منكر الحديث، كما قاله النسائي وغيره، سواء روى عن أبي الهيثم أم غيره، وقد مشَّاه مَنْ لَمْ يَخْبرُ حاله، وإلا فينبغى أن يُهْجَر حديثه البتة، لما يأتي به من تلك المناكير التى لا تطاق، وقد تركه بعضهم لأجلها، وقد توسعت في شرح حاله بغير هذا المكان؛ ونبَّهُت عليه في مواضع مضت في (مسند أبي سعيد الخدري).
ودراج هذا: من رجال "السنن" وباقى رجال الإسناد - الأول - ثقات مشاهير من رجال "الصحيح".
فإن قيل: قد توبع دراج عليه، تابعه سعيد بن أبي هلال عن ابن حجيرة عن أبي هريرة به نحوه مختصرًا، عند البزار في "مسنده" [٣/ رقم ٢٣٣٣/ كشف]، حدّثنا محمد بن يحيى الأزدي عن محمد بن عمر ثنا هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن ابن حجيرة [وتحرف (ابن) إلى (أبي) في سنده]، عن أبي هريرة به.
قلنا: هذه متابعة لا يُفْرَح بها أصلًا، ولا تثبت عن ابن أبي هلال البتة، وقد قال الهيثمي في "المجمع" [٧/ ٦٧]: "رواه البزار، وفيه من لم أعرفه" كذا قال، ورجاله كلهم معرفون؛ فشيخ البزار: ثقة مشهور؛ وشيخه (محمد بن عمر) هو الواقدي الهالك المشهور؛ و (هشام بن سعد) هو المدني الشيخ الضعيف إلا في روايته عن زيد بن أسلم وحده، وباقي رجال الإسناد من رجال "الصحيح" فلعل (ابن حجيرة) قد تحرَّف على الهيثمي بـ (أبي حجيرة) فلم يعرفه، واللَّه المستعان لا رب سواه.

الصفحة 43