كتاب مسند أبي يعلى - ت السناري (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= (محمد بن شبيب) من الميزان [٣/ ٥٧٧]، فقال: "قال ابن الجوزي: مجهول، ثم ساق له في "الواهيات" حديثًا ... " ثم ساق الحديث وقول أحمد عنه: "هذا حديث منكر" هكذا أقر الذهبيُّ ابنَ الجوزي على جهالة (محمد بن شبيب) وتعقبه الحافظ في "اللسان" [٥/ ١٩٨]، فقال: "ومحمد بن شبيب المذكور: هو محمد بن عيسى بن شبيب النهدي، نُسِبَ إلى جده، وله ترجمة في الكامل" وهذا غريب من الحافظ أيضًا، وقد تعقبه العلامة أبو غدة الحلبى في تعليقه على طبعته من "اللسان" [٧/ ١٩٥]، فقال: (لم أجد في "الكامل" المطبوع ترجمة محمد بن عيسى بن شبيب، لكن يبدو لى: أن محمد بن شبيب هذا: هو الزهراني البصري، الذي أخرج له مسلم والنسائي".
قلتُ: وهذا هو الصواب الذي لا ريب فيه عندى، وقد نص أبو حاتم الرازي والبخاري وغيرهما في ترجمة (محمد بن شبيب الزهراني) على كون هشام بن حسان قد روى عنه؛ وليس في طبقمَه مَنْ يُسَمَّى باسمه سواه، وكذا نص المزي في ترجمته من "التهذيب" على روايته عن (جعفر بن أبي وحشية) أيضًا؛ وبهذا جزم الإمام في "الصحيحة" [رقم ٢٥٠٩]، بكون (محمد بن شبيب) في سنده هو (الزهراني البصري) الذي وثقه ابن معين وابن حبان وغيرهما؛ إلا أنه زعم أنه ليس من رجال "التهذيب"، وهذه غفلة عجيبة، لأن الرجل قد احتج به مسلم والنسائي، وهو مترجم في "التهذيب وذيوله"، فكيف فات الإمام الوقوف عليه هناك؟!.
والحديث: على ثقة رجاله؛ فقد أنكره الإمام أحمد كما مضى، وقد رأيت ابن رجب ساقه في التخويف بالنار [ص ٩٥/ طبعة مكتبة المؤيد]، من طريق المؤلف به ... ثم قال: "لكن قال الإمام أحمد: هو حديث منكر".
قلتُ: وسبق عن المنذري أنه قال: (في متنه نكارة) وقول ابن كثير: "غريب" ويكفى قول الإمام أحمد في نكارة الحديث، وإن كان رجاله ثقات، ولا يستشكل هذا: إلا مَنْ لَمْ يخبر أساليب القوم في النقد والتعليل، وتذوقهم في نقد الأخبار وحامليها، فهم قد أحاطوا منها لم يحط به غيرهم من المتأخرين في كل شيء أمثالنا، ولا يطلق أحدهم النكارة على حديث: إلا إذا كان اطلع منه على علة ظاهرة أو خفية؛ عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها، فهذا فن بحره لا ساجل له، وأكثر مسائله غير منضبطة أصلًا، وإنما هو المعرفة المكتسبة، من إدمان النظر في تصرف كبار النقاد في الجرح والتعديل، والنقد والتعديل؛ فلا على المتأخر إلا التسليم لحذاق المتقدمين في نقدهم النصوص والأسانيد ما لم يكن للنظر والاجتهاد مجال.=

الصفحة 65