كتاب مسند أحمد - ط الرسالة (اسم الجزء: 13)

مِنْ قُرَيْشٍ " قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ " (١)
---------------
(١) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو التياح: اسمه يزيد بن حميد الضبعي، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي.
وأخرجه البخاري (٣٦٠٤) ، ومسلم (٢٩١٧) ، والبيهقي في "الدلائل" ٦/٤٦٤ من طريق أبي أسامة، ومسلم (٢٩١٧) من طريق أبي داود الطيالسي، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد.
وعلقه البخاري بإثر الحديث (٣٦٠٤) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي.
وانظر ما سلف برقم (٧٨٧١) .
قوله: "يهلك أُمتي"، قال الحافظ في "الفتح" ١٣/١٠: المراد بالأمة هنا: أهل ذلك العصر ومَن قاربهم، لا جميع الأمة إلى يوم القيامة.
وقوله: "هذا الحي من قريش"، المراد بعض قريش، وهم الأحداث منهم لا كلهم، والمراد أنهم يهلكون الناس بسبب طلبهم الملك والقتال لأجله، فتفسد أحوال الناس ويكثر الخبط بتوالي الفتن، وقد وقع الأمر كما أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأما قوله: "لو أن الناس اعتزلوهم" محذوفُ الجواب، وتقديره: لكان أولى بهم، والمراد باعتزالهم أن لا يداخلوهم ولا يقاتلوا معهم، ويَفِرُّوا بدينهم من الفتن، ويحتمل أن يكون "لو" للتمني، فلا يحتاج إلى تقدير جواب.
وأما قول الإِمام أحمد بعد الحديث، فقد علق عليه الشيخ أحمد شاكر فقال: لعله كان احتياطاً منه رحمه الله، خشية أن يظن أن اعتزالهم يعني الخروج عليهم، وفي الخروج فساد كبير، بما يتبعه من تفريق الكلمة، وما فيه من شقِّ عصا الطاعة، ولكن الواقع أن المراد بالاعتزال أن يحتاط الإِنسان لدينه، فلا يدخل معهم مداخل الفساد، وَبرْبَأ بدينه من الفتن.

الصفحة 382