كتاب مسند أحمد - ط الرسالة (اسم الجزء: 13)

٨٠٨٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُوحَنِّسَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْقَرَّاظِ، أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ الثَّلَاثَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: " مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْبَلْدَةِ بِسُوءٍ - يَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ - أَذَابَهُ اللهُ كَمَا يَذُوبُ
---------------
= بل من قدر الله وبمشيئته. فالاستثناء بقول "إن شاء الله " -إذا قاله- يُحلُّه من قسمه إذا لم يطف بهن، ويكون للتمني وبمعنى الإقرار لله بالمشيئة والتسليم لحكمه والتفويض إليه فيما ليس من صنع العبد ولا يدخل في مقدوره، فهو داخل في أمر الله للعبد أن يقول ذلك، في قوله تعالى: "ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله".
فالحديثان في معنيين، وإن تقاربا في بعض المعنى. ولفظ الحديث الذي هنا لا يمكن أن يكون اختصاراً من الحديث الآخر في قصة سليمان. بل لو صنع ذلك معمر أو عبد الرزاق لكان صنعُه تزيداً في الرواية، وجرأة على نسبة حديث لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقله. وكلاهما أجل عند أهل العلم من أن يفعلا ذلك. ولكن ظن عبد الرزاق أن يكون معمر اختصره، فأخطأ في هذا الظن.
ثم ظن البخاري أن عبد الرزاق هو الذي فعل، فأخطأ فيما ظن، رحمهما الله.
ثم إن معنى الحديث ثابت عن ابن عمر أيضاً، مضى في المسند مراراً بألفاظ متقاربة، أولها (٤٥١٠) : "من حلف فاستثنى فهو بالخيار، إن شاء أن يمضي على يمينه، وإن شاء أن يرجع غيرحنث"، و (٤٥٨١) : "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فقد استثنى"، وآخرها (٦٤١٤) : "من حلف فاستثنى، فإن شاء مضى، وإن شاء رجع غير حنث".
وقد حقق الحافظ في "الفتح" ١١/٦٠٥ هذا الموضع، على شيء من التردد منه، وإن كان في مجموع كلامه يميل إلى إبطال هذا التعليل، وإلى صحة الحديثين جميعاً.=

الصفحة 452