كتاب مسند أحمد - ط الرسالة (اسم الجزء: 13)

٨١٧٢ - وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ " قَالَ: " فَلَطَمَ مُوسَى عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا "، قَالَ: " فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي " قَالَ: " فَرَدَّ اللهُ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي، فَقُلْ: الْحَيَاةَ تُرِيدُ؟ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ، فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَمَا تَوَارَتْ بِيَدِكَ مِنْ شَعْرَةٍ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً. قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ تَمُوتُ. قَالَ: فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ، قَالَ: رَبِّ أَدْنِنِي مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً
---------------
= لأنه لا شك أن كل شيء خلق على صورته، لا على صورة غيره.
ومعنى الخبر عندنا بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خلق الله آدم على صورته": إبانةُ فضل آدم على سائر الخلق، "والهاءُ" راجعة إلى آدم، والفائدة من رجوع "الهاء" إلى آدم دون إضافتها إلى البارىء جل وعلا -جل ربنا وتعالى عن أن يشبَّه بشيء من المخلوقين- أنه جل وعلا جعل سبب الخلق الذي هو المتحرك النامي بذاته اجتماع الذكر والأنثى، ثم زوال الماء عن قرار الذكر إلى رحم
الأنثى، ثم تغير ذلك إلى العلقة بعد مدة، ثم إلى المضغة، ثم إلى الصورة، ثم إلى الوقت الممدود، فيه، ثم الخروج من قراره، ثم الرضاع، ثم الفطام، ثم المراتب الأُخر على حسب ما ذكرنا، إلى حلول المنيَّة به، هذا وصف المتحرك النامي بذاته من خلقه، وخلق الله جل وعلا آدم على صورته التي خلقه عليها وطوله ستون ذراعاً من غير أن تكون تقدمة اجتماع الذكر والأنثى، أو زوال الماء،
أو قراره، أو تغيير الماء علقة أو مضغة، أو تجسيمه بعده، فأبان الله بهذا فضله على سائر من ذكرنا من خلقه بأنه لم يكن نطفة فعلقة، ولا علقة فمضغةً، ولا مضغةً فرضيعاً، ولا رضيعاً ففظيماً، ولا فطيماً فشاباً، كما كانت هذه حالةُ غيره.

الصفحة 506