كتاب مسند أحمد - ط الرسالة (اسم الجزء: 35)

٢١٥٩٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ حَاضِرَ بْنَ الْمُهَاجِرِ الْبَاهِلِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ،
---------------
=ومعمر وصالح بن كيسان وعقيل وغيرهم من الحفاظ عن الزهري فلم يذكروها.
هذا وقد قال قوم من أهل العلم فيما نقله عنهم الإمام أبو بكر الباقلاني في "الانتصار" بأن آيات القرآن لا تثبت إلا بالتواتر، فهذا الحديثُ وأمثالُه مما قيل فيه: إنه كان قرآناً ثم نُسخ، هي أخبار آحاد ليست مشهورة فضلاً عن أن تكون متواترة. ولا يُقطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحادٍ لا حُجَّة فيها.
وقال العلامة الصادق عرجون تعليقاً على رواية البخاري السالفة: فهذا الحديث وهو من أعلى وأرفع الأسانيد لم يذكر فيه "الشيخ والشيخة"، ومعناه كله منصبٌّ على إثبات حد الرجم للمحصن، وهو أمر مجمع عليه من الأمة سلفها وخلفها، ولم يشذَّ عن هذا الإجماع إلا طوائف من الخوارج والمعتزلة،
فإنهم أنكروا حد الرجم، وقالوا: لم يكن الرجم في كتاب الله، وقول عمر رضي الله عنه: فيضل بترك فريضة أنزلها الله، يحتمل أن المراد من إنزال الله إياها وحيُه بها إلى نبيه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحياً غير قرآني، فتكون فريضة الرجم ثابتة بوحي السنة، ويدل لذلك قول عمر رضي الله عنه: ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن، بل يجب حمل كلام عمر على هذا الوجه السديد.
وهذه الحقيقة للرجم لا يلزم أن تكون ثابتة بنص قرآني، بل يكفي فيها أن تكون ثابتة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث صحيح، كما يستفاد ذلك من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألا وإني أُوتيتُ الكتاب ومثله معه".
وفي قول عمر رضي الله عنه: ألا وقد رجم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجمنا بعده، ما يقوي ما ذهبنا إليه من فهم قوله: فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، لأن معناه: فيضلوا بترك فريضة أوحى بها الله إلى رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بضربٍ من ضروب الوحي غير القرآني، فقام صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتنفيذ ما أوحى به الله من حد الرجم، واتبعه من بعده الراشدون والمتقون من ولاة أمر أمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الصفحة 475