نَفْسَهُ بِأَنْ يُقِيمَ فِي ذَلِكَ الْغَارِ فَيَقُوتُهُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ مَاءٍ وَيُصِيبُ مَا حَوْلَهُ مِنَ الْبَقْلِ، وَيَتَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنِّي أَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ أَذِنَ لِي فَعَلْتُ، وَإِلَّا لَمْ أَفْعَلْ. فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِغَارٍ فِيهِ مَا يَقُوتُنِي مِنَ الْمَاءِ وَالْبَقْلِ، فَحَدَّثَتْنِي نَفْسِي بِأَنْ أُقِيمَ فِيهِ وَأَتَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِالْيَهُودِيَّةِ وَلَا بِالنَّصْرَانِيَّةِ، وَلَكِنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَمُقَامُ أَحَدِكُمْ فِي الصَّفِّ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِ سِتِّينَ سَنَةً " (١)
---------------
(١) إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" ٢/٢٠٤ من طريق عبد الله ابن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد. مختصراً بقوله: "إني لم أُبعث باليهودية ولا بالنصرانية، ولكن بعثت بالحَنيفيَّة السمحاء".
وأخرجه تاماً الطبراني في "الكبير" (٧٨٦٨) من طريق أبي المغيرة عبد القُدُّوس بن الحجاج الخَوْلاني، به.
وفي الباب عن أبي هريرة بنحو هذه القصة، سلف في مسنده برقم (٩٧٦٢) ، وفيه: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُقام أحدِكم -يعني في سبيل الله- خيرٌ من عبادة أحدكم في أهله ستين سنة". وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
وفي باب ترك الرَّهبانيَّة والتَّبتُّل عن عائشة، سيأتي برقم (٢٥٨٩٣) ، وفيه: عن عروة قال: دخلت امرأةُ عثمان بن مَظْعون -أحسب اسمها خَوْلَة بنت حَكِيم- على عائشة وهي باذَّةُ الهيئة، فسألتها: ما شأنُك؟ فقالت: زوجي يقومُ الليلَ ويصومُ النهار، فدخل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرت عائشة ذلك له، فلقي رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ =