كتاب المسالك القويمة بتراجم رجال ابن خزيمة في الصحيح، والتوحيد، والفوائد (اسم الجزء: 1)

وقال أبُو مُقَاتِل السَّمَرْقَنْدِي: "سَلْم بن سَالِم عَيْنٌ مِن عُيُوْن الله في الأَرْض، وسَلْم بن سَالِم في زَمَانِنَا كعُمَر بن الخَطَّاب في زَمَانه".
مِحْنَتُه مَع هارُوْن الرَّشِيْد وحَبْسُه له:
وقال عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الحكَم: "دَخَل سَلْم بن سَالِم بَغْدَاد فَشَنَّع على هَارُون أَمِير المُؤمِنِيْن، فَحَبَسه، فكان يَدْعُو في حَبْسِه: اللَّهمَّ لا تَجْعَل مَوْتي في حَبْسِه، ولا تُمِتْنِي حتى ألقَى أَهلي، فَمَات هَارُون، فَخلَّت عَنْه زُبَيْدَة، فَخَرَج إلى الحجِّ، فَوَافَى أَهْلَهُ بِمَكّة قَدِمُوا حُجَّاجًا، فَمَرِض فاشْتَهَى الجَمَد، فأَبْرَدَتِ السَّمَاء، فَجَمَعُوا له؛ فأَكَلَ ومات".
وقال أَبُو مُعَاوِية الضَّرِير: "دَعَانِي هَارُون أَمِير المُؤمِنِيْن لأُحَدِّثَه، فَدَخَلْتُ عَلَيْه أَول اللَّيل؛ فَحَدّثْتُه إلى أن مَضَى مِنَ اللَّيْل هُزَيْعٌ، فقال لي: حاجَتُكَ؟ يا أبا مُعَاوِية؟ فَقُلْتُ: سَلْم بن سَالِم هَبْه لِي، قال: فاسْتَوَى جَالِسًا، فَعَرَفْتُ الغَضَب في وَجْهِهِ، وفي كَلامِه، فقال: إن سَلْمًا ليْس على رَأْيك وَرَأْي أَصْحَابك على الإِرْجَاء، وقد جَلَس في المَسْجِد الحرَام يقول: لو شِئْتُ أن أَضْرِبَ أَمِير المؤمنين بمائة ألْف سيْف، فَعَلْتُ! وليْس هذا رَأْيكَ، ولا رَأيَ أَصْحَابكَ. ثم سَكَن، فقال: حَدِّثْنَا. فتحَدّثْنَا عامّة اللَّيْل، فقال: حَاجَتُك؟ فَقُلْتُ يا أَمِيْرَ المُؤْمِنِين، إِنّه أَرْسَل إليّ أنَّه لا يَقْدِر على الصَّلاةِ؛ مِنْ كَثْرَة قُيُوْده. فقال لحُسَيْن الخادِم وهو قائِمٌ على رَأسِهِ: كم عَلَيْه مِن القُيُوْد؟ قال: لا أَدْرِي، قَيَّدَهُ هَرْثَمَة. فَصَار إلى هَرْثَمَة، فقال: كَم على سَلْم بن سَالِم مِن القُيُوْد؟ قال: اثنا عَشَر قَيْدًا، قال: فُكَّ ثَمانِيَة عَنْه، وَدعَ أَرْبَعَةً، فأَرْسَلَ إليّ سَلْم: جَزَاك الله خَيْرًا، فَرّجْتَ عَنِّي، تَوَضَّأتُ وَصَلّيْتُ".
وقال ابن سَعْد في "طَبَقَاته": "كان صَارِمًا يَأَمُر بالمَعْرُوْف ويَنْهَى عن المُنْكَر،

الصفحة 536