كتاب مسائل أبي الوليد ابن رشد (اسم الجزء: 1)

يخرج عما انعقد عليه أهل السنة، الإجماع، فنقول: ان معنى قوله: «فمن وافق خطه علم» الانكار لا الاخبار. وذلك أن الحديث خرج على سؤال سائل، سمع ان نبيا من الأنبياء كان يخط، فاعتقد صحة معرفة المغيبات من جهة الخط، على ما كانت تعتقده العرب، فأجاب، صلى الله عليه وسلم، بكلام معناه الإنكار لاعتقاده، والانباء ان ذلك من خواص ذلك النبى ومعجزاته، الدالة على نبوته، وهو قوله: ((كان نبى من الانبياء يخط، فمن وافق خطه علم)) فقوله: ((كان نبى من الانبياء يخط)) اعلام منه بذلك واخبار به. وقوله: فمن وافق خطه علم معناه: أي لا يكون ذلك، فهو كلام ظاهرة الاخبار، والمراد به النهى عن اعتقاد ذلك، والانكار له.
ومثل هذا في القرآن وفي السنن الواردة عن النبى صلى الله عليه وسلم، كثير: من ذلك قوله تعالى: {قل: الله اعبد مخلصا له دينى فاعبدوا ما شئتم من دونه}
[سورة الزمر: 15]
فظاهر هذا الكلام الامر بعباده ما شاؤوا من دون الله والمراد به النهى عن ذلك والوعيد عليه.
ومنه قوله تعالى لا بليس: {واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم، وما يعدهم، الشيطان الا غرورا}
[سورة الاسراء: 64]
فظاهره ايضا الامر، والمراد به النهى والوعيد عليه.
ومن ذلك ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال {نحن احق بالشك من ابراهيم)) فظاهر هذا الكلام من النبى صلى الله عليه وسلم الاخبار بتحقيق الشك

الصفحة 210