كتاب مسائل أبي الوليد ابن رشد (اسم الجزء: 1)

سبعا معنى، أتحققه لكونه محمولا على الطهارة بظاهر القرآن، وما علل به النبي، صلى الله عليه وسلم، طهارة الهر؛ فذهب إلى أن ذلك تعبد، لا يظهر فيه وجه الحكمة، اذ من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وما توقعه من العداوة والبغضاء، ومنها ما استأثر الله تعالى بمعرفة وجه الحكمة فيه، كتحريم لحم الخنزير، وما أشبه ذلك.
قال أبو الوليد، رضي الله عنه: والذي أقول به في معنى أمر النبي، صلى الله عليه وسلم بغسل الاناء سبعا من ولوغ الكلب فيه، والله تعالى أعلم، وأحكم: أنه أمر ندب وارشاد؛ مخافة أن يكون الكلب كلبا، فيدخل على أكل سؤره، أو استعمال الاناء قبل غسله منه ضرر في جسمه، والنبي، صلى الله عليه وسلم، ينهى عما يضر بالناس في دينهم ودنياهم. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ههمت أن أنهى عن الغيلة، حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك، فلا يضر أولادهم شيئاً، لا لنجاسة، اذ هو محمول على الطهارة، بالأدلة المذكورة؛ فإذا ولغ الكلب، المأذون في اتخاذه، في اناء فيه ماء، أو طعام، لم ينجس الماء ولا الطعام، على هذا التأويل، ووجب أن يتوقى من شربه، أو أكله، او استعمال الاناء قبلا غسله، مخافة أن يكون الكلب كلبا، فيكون قد داخل ذلك من لعابه ما يشبه السم المضر بالأبدان، على ما أرشد النبي، صلى الله عليه وسلم، بما أمره به من غسل الاناء الذي ولغ فيه سبعا، اشفاقا منه على أمته، صلى الله عليه وسلم، فإنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما.

الصفحة 731