كتاب مسائل أبي الوليد ابن رشد (اسم الجزء: 2)

وقد وقع في جوابي عليها من البيان ما يرفع عنها كل اشكال ولو تدبرته حق التدبر لما خفيت عليك صحته ولا وسعك الاعتراض عليه بشيء مما ذكرته من الكلام، الذي لا يصح عند التحصيل، ولا فيه وجه دليل.
وانا أبقاك الله أزيد المسألة بيانا وأدل على صحة جوابي، ثم أعود إلى ما اعترضت به عليه، فأبين وجه الانفصال عنه ان شاء الله تعالى.
يدخل النساء فيما صالح به أولياء الدم.
فوجه القول في هذه المسألة أن تذكر الأصل بني الكلام فيها على صحته، وهي أن دية العمد، إذا قبلت، لا يختص بها الأولياء الذين لهم قيام بالدم ويملكون العفو عنه بل يكون موروثا بين جميع الورثة كسائر مال المقتول.
فاذا صح هذا الأصل وجب أن يدخل جميع الورثة من النساء فيما صالح به الأولياء عن الدم كان صلحهم بعد وجوب القصاص لهم بالبينة على معاينة القتل، أو باقرار القاتل بالقتل، أو بالقسامة مع اللوث، أو ما يقوم مقامه عن التدمية، على مذهب مالك رحمه الله، ومن قال بها من أهل العلم أو قبل الوجوب لهم بالقصاص، كان معهم سبب يوجب القسامة لهم، أو لم يكن لهم سبب سوى مجرد الدعوى، مع التهمة التي توجب القسامة على القاتل، لأنهم مقرون انهم انما صالحوا من حق يدعيه فسواء أكان ذلك الحق ثابتا أو غير ثابت، فيما يجب للنساء من الدخول عليهم فيما صالحوا فيه.

الصفحة 800