كتاب مصادر الشعر الجاهلي

الروايات والنسخ - قصائده ومقطعاته من رواية الأصمعي ومقارنتها بالروايات الأخرى.... 481-542
الفصل الثاني: دواوين القبائل
بحث عام: دواوين القبائل التي ذكرتها المصادر العربية وصانعوها، وما بقي منها، معنى ديوان القبيلة، متى بدأ تدوين دواوين القبائل - ديوان هذيل: عدد من فيه من الشعراء وأبيات الشعر ومدى النقص فيه، أصول رواياته وأنواعها، طبعاته ونسخها، قيمة هذه الروايات والنسخ 543-572
الفصل الثالث: المختارات
المفضليات: روايتها، تحقيق عدد قصائدها - الأصمعيات روايتها والإسناد فيها، تحقيق ما ذكره ابن النديم عنها - حماسة أبي تمام: مصادرها، روايتها - جمهورة أشعار العرب: نسبتها، التعريف بصاحبها، روايتها - قيمة كتب المختارات في تاريخ الرواية الأدبية ... 573-591
الفصل الرابع: الشعر الجاهلي في غير الدواوين
كتب النحو: كتاب سيبويه - كتب اللغة: إصلاح المنطق وتهذيب الألفاظ - كتب السيرة والتاريخ: ابن هشام وسيرة ابن إسحاق - كتب الأدب العامة: البيان والتبيين، الحيوان - رواية الشعر الجاهلي وإسنادها في هذه الكتب - قيمة الشعر الجاهلي المتضمن فيها. 592-614
الخاتمة: خلاصة البحث 617
المصادر والمراجع 637
الفهارس العامة 653
من ذلك كله فتح الرومان الطريق التجاري البحري خلال البحر الأحمر في نحو القرن الأول الميلادي. وكان من أثر هذا أن تصاءلت تجارة القوافل البرية في الجنوب، وكانت هذه التجارة عماد الممالك العربية الجنوبية. وزادت المشكلات السياسية هذه العوامل قوة: ففي الشمال قضى الرومان على بترا سنة 106م بقيادة تراجان، ثم قضوا على تدمر سنة 272م بقيادة أورليان، وقد كان الأنباط مستودع تجارة القوافل الشمالية. ولم تنتعش الممالك العربية بعد هذا الاضطراب السياسي والاقتصادي، فانتشرت الهجرة وترك الناس المدن التي كانت عظيمة فزالت. ويعقب فارمر H.G. Farmer على هذا بقوله1: "ومع ذلك كله فإن الجزيرة العربية لم تُصَب بالعقم، فمن هذه البلاد التي كانت مهد الساميين ولدت الحضارة الإسلامية التي صارت بحق خير خلف لحضارة الساميين العظيمة في القدم".
ونحن نرى أن هذا العصر الجاهلي الأخير الذي توسط بين الحضارتين: العربية القديمة والإسلامية الناشئة، لم يكن فجوة عميقة واسعة بحيث تقطع الأواصر بين الحضارتين. فقد كان العرب في هذه الجاهلية الأخيرة يعرفون عن ماضيهم قبسات أوصلها إلينا المؤرخون الإسلاميون غائمة غامضة تشوبها الأساطير والخرافات.
وهذا القرآن الكريم في خطابه لعرب الجاهلية الأخيرة حافل بالإشارات التي تدل على ما كان يرفل فيه أولئك الأقوام ودولهم في الجاهلية الأولى من نعيم وترف، وما كانوا يتمتعون به من قوة ومنعة. وفيه أيضًا تأنيب لعرب الجاهلية الأخيرة الذين كانوا يسيرون في الأرض فيمرون بآثار منازل هؤلاء الأسلاف الأقدمين، ويعلمون من أمرهم ما يعلمون، ولكنهم مع ذلك لا يتعظون بمصيرهم، ولا يعتبرون بما آلوا إليه. فالقرآن الكريم يصف سبأ بالحياة الزراعية المستقرة الناعمة، وبضربهم في الأرض آمنين، وذلك قوله تعالى:
__________
1 H.G. Farmer, History of Arabian Music, Introduction 13

الصفحة 13