كتاب مصادر الشعر الجاهلي

السطر الثالث: خيبر
السطر الرابع: بعام1
ولكن لا بد لنا من أن نعترف، اعترافًا واضحًا لا لبس فيه، أن كل دراسة لموضوع الكتابة في العصر الجاهلي ستبقى دراسة مبتورة ناقصة ما دامت رمال الجزيرة العربية تضن بهذه الكنوز، التي ترقد في بطونها، عن أن تجلوها لأبصار الدارسين، حتى يسائلوها أخبار هؤلاء الأسلاف الذين شاء لهم جحود التاريخ أن يوصموا بالجهل والبدائية2. ولا بد لنا من أن نقرر كذلك أن في هذه النصوص التي بين أيدينا -على جليل قدرها وعظيم نفعها للدارس- ثلاث نقائص:
الأولى: قلة عددها قلة تلجئ الدارس إلى أن يحتاط في حكمه ويلقي القول إلقاء مقيدًا بعيدًا عن التعميم.
والثانية: تباعد فتراتها، وانفصال أوائلها عن أواخرها، لوجود فجوات زمنية عريضة. فقد أغفلنا ذكر قرن كامل بسنيه المائة، هو القرن الخامس الميلادي؛ لأننا لم نجد نقشًا عربيًّا يرجع تاريخه إلى هذا القرن. وكذلك لم نعثر في القرن الرابع إلا على نقش واحد يرجع إلى ثلثه الأول، وأما ثلثاه الأخيران فخاليان أصمان. ولم يعثر في القرن السادس إلا على نقشين: أولهما في سنواته الأولى "سنة 511م"، والآخر بعد منتصفه "سنة 568م"، وما بينهما نصف قرن صامت مصمت. ومن هنا كان لا بد للدارس الذي يريد تتبع البحث من أن يملأ هذه الفجوات بالاستنتاج والاستنباط.
__________
1 يقول ليتمان: إن مفسد خيبر إنما يشير إلى غزوة أحد أمراء بني غسان لخيبر، ويستدل بقول ابن قتيبة "المعارف، طبعة وستنفيلد: 313": ثم ملك بعده الحارث بن أبي شمر ... وكان غزا خيبر، فسبى من أهلها ثم أعتقهم بعد ما قدم الشام "ولفنسون: تاريخ اللغات السامية: 192"
2 انظر: جواد علي، تاريخ العرب قبل الإسلام 1: 195-196، 201.

الصفحة 31