كتاب مصادر الشعر الجاهلي

والخزرج قليلًا، وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية، وكان يعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول، فجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدة يكتبون".
وذكر الطبري أنه1 "حين نزل خالد بن الوليد الأنبار رآهم يكتبون العربية ويتعلمونها". وقال ياقوت2: إن خالد بن الوليد لما خرج إلى عين تمر وجدوا في كنيسة صبيانًا يتعلمون الكتابة في قرية من قرى عين التمر يقال لها النقيرة، وكان فيهم حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وقال أمية بن أبي الصلت يمدح بني إياد3:
قوم لهم ساحة العراق إذا ... ساروا جميعًا والقط والقلم
وذكروا كذلك أن عدي بن زيد العبادي حين نما "وأيفع طرحه أبوه في الكُتَّاب"4 حتى حذق العربية.
وكما كانت الكتابة في الجاهلية تدرس وتعلم في الكُتَّاب، كانت للعلم مجالس تعقد فتتدارس فيها الأخبار والأشعار والأنساب. قال ابن عباس رضي الله عنه5: "كانت قريش تألف منزل أبي بكر رضي الله تعالى عنه لخصلتين: العلم والطعام، فلما أسلم أسلم عامة من كان مجالسه".
وكان في الجاهلية من ينصب نفسه لتعليم الأخبار وقصص التاريخ، فيقصده من يقصده يستمليها ويكتبها، وقد أنبأنا النبأ اليقين بذلك كتاب الله، قال تعالى6:
{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} .
__________
1 تاريخ 4: 20.
2 معجم البلدان "نقيرة".
3 ابن هشام، السيرة 1: 48.
4 الأغاني 2: 101.
5 الجاحظ، البيان والتبيين 4: 76.
6 سورة الفرقان: 5.

الصفحة 51