كتاب مصادر الشعر الجاهلي

ومن أوضح الشعر الجاهلي الذي يذكر هذا الضرب من تسجيل الأحلاف والعهود: قول درهم بن زيد الأوسي يُذكِّر الخزرج ما بينهم من عهود مكتوبة على الصحف1:
وإن ما بيننا وبينكم ... حين يقال: الأرحام والصحف
وقول قيس بن الخطيم2:
لما بدت غدوة جباههم ... حنت إلينا الأرحام والصحف
يعني بالصحف: العهود والمواثيق والأحلاف المسجلة في الصحائف.
ومن الأحلاف التي كتبت في الجاهلية حلف خزاعة، بين عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجال من خزاعة، وكتب لهم الحلف أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة، وعلقوا الكتاب في الكعبة3؛ وقد جاء خزاعة رسول الله يوم الحديبية بكتاب جده فقرأه عليه أبي بن كعب4.
وقد زعم أبو حنيفة الدينوري5 أن عمر بن إبراهيم من ولد أبرهة بن الصباح ملك حمير أرسل إلى الكرماني نسخة حلف اليمن وربيعة الذي كان بينهم في الجاهلية. ثم أورد نص هذا الحلف.
ومن أشهر هذه العهود والمواثيق: صحيفة قريش التي تعاقدوا فيها "على بني هاشم وبني المطلب على ألا ينكحوا إليهم ولا يُنكحوهم، ولا يبيعوهم شيئًا ولا يبتاعوا منهم. فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة، ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك، ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدًا على أنفسهم6".
__________
1 ديوان حسان بن ثابت. مخطوط في مكتبة أحمد الثالث بإسطنبول، رقم 2534، وميكروفيلم في معهد المخطوطات، ورقة: 20.
2 ديوانه: 19.
3 ديوان حسان، مخطوطة أحمد الثالث، ورقة: 15-16.
4 محمد حميد الله، الوثائق السياسية: 50 وقد خرج هناك مصادره.
5 الأخبار الطوال "ط. السعادة 1330هـ" ص336.
6 ابن هشام، السيرة 1: 375-376.

الصفحة 66