كتاب مصادر الشعر الجاهلي

وواضح من هذه الأخبار أن الرحل لم يكن أداة ثابتة من أدوات الكتابة، إنما كان مما يضطر إليه المرء اضطرارًا حين لا يجد غيره يكتب عليه.
ومن أنواع الخشب التي كانوا يكتبون عليها: الروسم. وقد مر بنا أن الروسم خشبة مكتوبة بالنقر يختم بها الطعام والأكداس في الجاهلية1.
ومن أنواع الخشب التي كانوا أحيانًا يكتبون عليها أو يخطون علامات تميزها: السهام، وقد مر بنا خبر أبي سفيان حين أراد الخروج إلى أحد فامتنعت عليه رجاله فأخذ سهمين من سهامه، فكتب على أحدهما: نعم، وعلى الآخر: لا. ثم أجالهما عند هبل، فخرج سهم الإنعام فاستجرهم بذلك2.
وقد استمروا يكتبون أحيانًا على هذا الضرب من الخشب بعد ذلك فالحكم بن عبدل الشاعر كان يكتب حاجته على عصاه ويبعث بها مع رسله فلا يحبس له رسول، ولا تؤخر له حاجة3.
وقد رأيت كلمة "ألواح" تتردد في بعض ما جمعت من أخبار، منها: ما ذكره عبيد الله بن أبي رافع قال: كان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كذا؟ ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب فيها4.
ومنها ما قاله ابن أبي مليكة 5: رأيت مجاهدًا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فيقول ابن عباس: اكتب. قال: حتى سأله عن التفسير كله.
__________
1 تاج العروس "رسم".
2 الفائق 3: 190.
3 الأغاني 2: 404.
4 تقييد العلم: 91-92، وانظر أيضًا ص109.
5 الطبري، التفسير 1: 31.

الصفحة 84