كتاب المستشرقون والسنة

الفصل الثاني: شُبُهَات حول مفهوم السُنَّة وتدوينها:
تمهيد:
أثار المُسْتَشْرِقُونَ شُبُهَاتٍ حول مفهوم السُنَّة والحديث، تدعونا إلى بيان هذه الشُبُهَات ودحض ما ذهبوا إليه، ومن ثَمَّ كان لاَ بُدَّ في المقدمة من بيان المفهوم لغةً واصطلاحاً.

مَفْهُومُ السُنَّة:
يطلق لفظ السُنَّة لغةً على الطريقة والسيرة حسنةً كانت أوسيئةً (1) .. وخَصَّهَا بعضُهُم بالطريقة الحسنة .. قال الأزهري: والسُنَّة: الطريقة المستقيمة المحمودة، ولذلك قيل: فلان من أهل السُنَّة (2). وقال الخطَّابي: إنَّ السُنَّة في اللُّغة الطريقة المحمودة خاصة (3).
قلت: الأول راجح لغة والثاني مرجوح، ففي الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن جرير بن عبد الله أنَّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا،
__________
(1) " لسان العرب "، و " القاموس المحيط "، و" الصحاح "، و " المعجم الوسيط " (سنن) و " كشاف اصطلاحات الفنون ": ص 403.
(2) " تهذيب اللغة ": 4/ 298.
(3) " إرشاد الفحول ": ص 33.

الصفحة 24