كتاب المستدرك على الصحيحين للحاكم (ت مقبل) (اسم الجزء: 2)
4107 - فَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَرَاءِ ، ثنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ: حَدِيثُ إِسْحَاقَ حِينَ أَمَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَذْبَحَهُ وَهَبَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي فَارَقَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ، فَلَمَّا كَانَ ابْنَ سَبْعٍ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَذْبَحَهُ وَيَجْعَلَهُ قُرْبَانًا ، وَكَانَ الْقُرْبَانُ يَوْمَئِذٍ يُتَقَبَّلُ وَيُرْفَعُ فَكَتَمَ إِبْرَاهِيمُ ذَلِكَ إِسْحَاقَ وَجَمِيعَ النَّاسِ وَأَسَرَّهُ إِلَى خَلِيلٍ لَهُ ، فَقَالَ الْغَازِرُ الصِّدِّيقُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ وَقَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ الصِّدِّيقُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَبْتَلِي بِمِثْلِ هَذَا مِثْلَكَ وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّبَكَ وَيَخْتَبِرَكَ فَلَا تَسُوءَنَّ بِاللَّهِ ظَنَّكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَجْعَلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِلَّا بِاللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَذَكَرَ وَهْبٌ حَدِيثًا طَوِيلًا إِلَى أَنْ قَالَ وَهْبٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: " سَبَقَ إِسْحَاقُ النَّاسَ إِلَى دَعْوَةٍ مَا سَبَقَهَا إِلَيْهِ أَحَدٌ وَيَقُومَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَيَشْفَعَنَّ لِأَهْلِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ وَأَقْبَلَ اللَّهُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ فَقَالَ: اسْمَعْ مِنِّي يَا إِبْرَاهِيمُ يَا أَصْدَقَ الصَّادِقِينَ ، وَقَالَ لِإِسْحَاقَ: اسْمَعْ مِنِّي يَا أَصْبِرَ الصَّابِرِينَ ، فَإِنِّي قَدِ ابْتَلَيْتُكُمَا الْيَوْمَ بِبَلَاءٍ عَظِيمٍ لَمِ ابْتَلِ بِهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِي ابْتَلَيْتُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ بِالْحَرِيقِ ، فَصَبَرْتَ صَبْرًا لَمْ يَصْبِرْ مِثْلَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ ، وَابْتَلَيْتُكَ بِالْجِهَادِ فِيَّ وَأَنْتَ وَحِيدٌ وَضَعِيفٌ ، فَصَدَّقَتْ وَصَبَرَتْ صَبْرًا وَصِدْقًا لَمْ يُصَدِّقْ مِثْلَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ ، وَابْتَلَيْتُكَ يَا إِسْحَاقُ بِالذَّبْحِ ، -[658]- فَلَمْ تَبْخَلْ بِنَفْسِكَ وَلَمْ تُعَظِّمْ ذَلِكَ فِي طَاعَةِ أَبِيكَ ، وَرَأَيْتَ ذَلِكَ هَنِيئًا صَغِيرًا فِي اللَّهِ كَمَا يَرْجُو مِنْ أَحْسَنِ ثَوَابِهِ وَيَسَّرَ بِهِ حُسْنَ لِقَائِهِ وَإِنِّي أُعَاهِدُكُمَا الْيَوْمَ عَهْدًا لَا أَحْبِسَنَّ بِهِ أَمَّا أَنْتَ يَا إِبْرَاهِيمُ ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَكَ الْجَنَّةُ عَلَيَّ ، فَأَنْتَ خَلِيلِي مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْأَرْضِ دُونَ رِجَالِ الْعَالَمِينَ ، وَهِيَ فَضِيلَةٌ لَمْ يَنَلْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ ، وَلَا أَحَدٌ بَعْدَكَ فَخَرَّ إِبْرَاهِيمُ سَاجِدًا تَعْظِيمًا لِمَا سَمِعَ مِنَ قَوْلِ اللَّهِ مُتَشَكِّرًا لِلَّهِ ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِسْحَاقُ فَتَمَنَّ عَلَيَّ بِمَا شِئْتَ وَسَلْنِي وَاحْتَكِمْ أُوتِكَ سُؤْلَكَ ، قَالَ: أَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي أَنْ تَصْطَفِيَنِي لِنَفْسِكَ وَأَنْ تُشَفِّعَنِي فِي عِبَادِكَ الْمُوَحِّدِينَ فَلَا يَلْقَاكَ عَبْدٌ لَا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئًا إِلَّا أَجَرْتُهُ مِنَ النَّارِ قَالَ لَهُ رَبُّهُ: أَوْجَبْتُ لَكَ مَا سَأَلْتَ وَضَمِنْتُ لَكَ وَلَايَتَكَ مَا وَعَدْتُكُمَا عَلَى نَفْسِي وَعْدًا لَا أُخَلِّفُهُ وَعَهْدًا لَا أَحْبِسَنَّ بِهِ وَعَطَاءً هَنِيئًا لَيْسَ بِمَرْدُودٍ "
الصفحة 657