كتاب المستدرك على الصحيحين للحاكم (ت مقبل) (اسم الجزء: 2)

4116 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بُطَّةَ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ ، ثنا الْوَاقِدِيُّ ، قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ ، وَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا طَرِيدًا فَانْطَلَقَ وَمَعَهُ سَارَةُ وَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي قَدْ وَهَبَتْ نَفْسِي فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ تَتَزَوَّجَهَا ، فَكَانَ أَوَّلَ وَحْيٍ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ وَآمَنَ بِهِ لُوطٌ فِي رَهْطٍ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ ، وَقَالَ: " إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ حَتَّى وَرَدَ حَرَّانَ ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا حَتَّى دَفَعُوا إِلَى الْأُرْدُنِّ وَفِيهَا جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَّارِينَ ، حَتَّى قَصَمَهُ اللَّهُ ، ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ رَجَعَ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ لُوطٌ فَنَبَأَ اللَّهُ لُوطًا وَبَعْثَهُ إِلَى الْمُؤْتَفِكَاتِ رَسُولًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ وَهِيَ خَمْسَةُ مَدَائِنَ أَعْظَمُهَا سَدُومُ ، ثُمَّ عَمُودُ ، ثُمَّ أَرُومُ ، ثُمَّ صَعُورُ ، ثُمَّ صَابُورُ ، وَكَانَ أَهْلُ هَذِهِ الْمَدَائِنِ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفَ إِنْسَانٍ فَنَزَلَ لُوطٌ سَدُومًا ، فَلَبِثَ فِيهِمْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى عِبَادَتِهِ وَتَرَكَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْخَبَائِثِ ، وَكَانَتِ الضِّيَافَةُ مُفْتَرَضَةً عَلَى لُوطٍ كَمَا افْتُرِضَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ، فَكَانَ قَوْمُهُ لَا يُضِيفُونَ أَحَدًا وَكَانُوا يَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَيَدْعُونَ النِّسَاءَ فَعَيَّرَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ فِي الْقُرْآنِ ، فَقَالَ: { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ } [الشعراء: 166] قَالَ وَهْبٌ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى إِتْيَانِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ بَسَاتِينُ وَثِمَارٌ فِي مَنَازِلِهِمْ وَبَسَاتِينَ وَثِمَارٌ خَارِجَةً عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ ، وَأَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ قَحْطٌ شَدِيدٌ وَجُوعٌ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنْ مَنَعْتُمْ ثِمَارَكُمْ هَذِهِ الظَّاهِرَةَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ كَانَ لَكُمْ فِيهَا مَعَاشٌ ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَمْنَعُهَا فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَقَالُوا: اجْعَلُوا سُنَّتُكُمْ فِيهَا مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فِي بِلَادِكُمْ غَرِيبًا لَا تَعْرِفُوهُ فَاسْلُبُوهُ وَانْكِحُوهُ وَاسْحَبُوهُ ، فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَطَئُونَ بِلَادَكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ ، فَجَاءَهُمْ إِبْلِيسُ عَلَى تِلْكَ الْجِبَالِ فِي هَيْئَةِ صَبِيٍّ وَضِيءٍ أَحْلَى -[661]- صَبِيٍّ رَآهُ النَّاسُ وَأَوْسَمَهُ فَعَمَدُوهُ فَنَكَحُوهُ وَسَلَبُوهُ وَسَحَبُوهُ ، ثُمَّ ذَهَبَ فَكَانَ لَا يَأْتِيهِمْ مِنَ النَّاسِ إِلَّا فَعَلُوا بِهِ فَكَانَ تِلْكَ سُنَّتُهُمْ ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ لُوطًا فَنَهَاهُمْ لُوطٌ عَنْ ذَلِكَ وَحَذَّرَهُمُ الْعَذَابَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ " ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "

الصفحة 660