كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 9)

بعض من هو غائب عن المدينة من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم إلا قال: فأين زيد بن ثابت عن هذا؟ إن زيد بن ثابت أعلم الناس بما تقدمه من قضاء، وأبصرهم بما يرد عليه مما لم يسمع فيه بشيء، ثم يقول ابن المسيب: لا أعلم لزيد بن ثابت قولاً لا يعمل به، يجمع عليه في المشرق والمغرب، أو يعمل به أهل مصرٍ، وإنه ليأتينا عن غيره أحاديث وعلم ما رأيت أحداً من الناس يعمل بها، ولا من هو بين ظهرانيهم.
قال الزهري: لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس.
قال ابن عباس: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم.
وعن عمار بن أبي عمار: أن زيد بن ثابت ركب يوماً، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: تنح يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا. فقال زيد: أرني يدك. فأخرج يده فقبلها، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
قال ثابت بن عبيد: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس في أهله، وأزمته عند القوم.
قال يحيى بن سعيد: لما مات زيد بن ثابت قال أبو هريرة: مات خبر هذه الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً.
وعن سعيد بن المسيب قال: شهدت جنازة زيد بن ثابت، فلما دلي في قبره قال ابن عباس: من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم فهكذا ذهاب العلم، والله لقد دفن اليوم علم كثير.

الصفحة 121