كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 9)

النزع، كسر يومئذ قوسين أو ثلاثة، قال: وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل فيقول: انثرها لأبي طلحة، قال: فيشرف نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر إلى القوم، قال: فيقول أبو طلحة: يا نبي الله، بأبي أنت، لا تشرف، لا يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك، قال: فلقد رأيت عائشة بنت أبي بكر، وأم سليم، وإنهما لمشمرات أرى خدم سوقهما تنقلان القرب على متونهما، ثم تفرغانه في أفواه القوم، وترجعان فتملانها ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم، ولقد وقع السيف من يد أبي طلحة إما مرتين وإما ثلاثاً من النعاس.
وعن أنس قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: صوت أبي طلحة في الجيش خيرٌ من فئةٍ. وكان إذا بقي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جثا بين يديه وقال: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء، وفي رواية قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لصوت أبي طلحة في الجيش خيرٌ من ألف رجل.
وفي رواية: خير من أربعين رجلاً. وكان في كنانته خمسون سهماً، فنثرها بين يدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم جعل يصيح: يا رسول الله، نفسي دون نفسك، فلم يزل يرمي بها سهماً سهماً. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطلع رأسه من خلف أبي طلحة بين رأسه ومنكبه ينظر إلى واقع النبل حتى فنيت نبله، وهو يقول: نحري دون نحرك، جعلني الله فداك. فإن كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليأخذ العود من الأرض فيقول: ارم يا أبا طلحة، فيرمي به سهماً جيداً.
وكان الرماة من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المذكور منهم: سعد بن أبي وقاص، والسائب بن عثمان بن مظعون، والمقداد بن عمرو، وزبد بن حارثة، وحاطب بن أبي بلتعة، وعتبة بن غزوان، وخراش بن الصمة، وقطبة بن عامر بن حديدة، وبشر بن البراء بن معرور، وأبو نائلة سلكان بن سلامة، وأبو طلحة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وقتادة بن النعمان.

الصفحة 137