كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 14)
حدث الفزاري عن الأوزاعي قال: وكان والله إماماً إذ لا نصيب اليوم إماماً.
وقال إبراهيم بن محمد الفزاري: لو أن الأمة أصابتها شدة، والأوزاعي فيهم لرأيت لهم أن يفزعوا إليه.
قال محمد بن عبد الوهاب بن هشام بن الغاز: كنا عند أبي إسحاق الفزاري يوماً فذكر الأوزاعي فقال: إن ذاك رجل كان شأنه عجباً. قال: فقال بعض أهل المجالس: وما كان عجبه يا أبا إسحاق؟ قال: يسأل عن الشيء، عندنا فيه الأثر، فيقول: ما عندي فيه شيء، وأنا أكره التكلف، ولعله يبتلى بلجاجة السائل حتى يردد عليه، فلا يعدو الأثر الذي عندنا، فقال بعض أهل المجلس: هذا أشبه بالوحي يا أبا إسحاق! قال: فأغضبه ذلك، وقال: من هذا نعجب كان والله يرد الجواب كما هو عندنا في الأثر، ولا يقدم منه مؤخراً، ولا يؤخر منه مقدماً.
قال أبو إسحاق الفزاري: ما رأيت أحداً كان أشد تواضعاً من الأوزاعي، ولا أرحم بالناس منه، وإن كان الرجل ليناديه فيقول: لبيك. وكان الأوزاعي أفضل أهل زمانه.
قال عبد الرحمن بن مهدي: إنما الناس في زمانهم أربعة: حماد بن زيد بالبصرة، وسفيان بالكوفة، ومالك بن أنس بالحجاز، والأوزاعي بالشام.
قال بقية: إنا لنمتحن الناس بالأوزاعي، فمن ذكره بخير عرفنا أنه صاحب سنة، ومن طغى عليه عرفنا أنه صاحب بدعة.
قال الوليد بن مسلم: كان الأمر لا يبين على الأوزاعي حتى يتكلم، فإذا تكلم جل وملأ القلب.
قال صدقة بن عبد الله: ما رأيت أحداً أحلم، ولا أكمل، ولا أجمل فيما جمل من الأوزاعي.
الصفحة 320
383