كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 16)

يسائلني أهل العراق عن الندى ... فقلت: عبيد الله حلف المكارم
فتى حاتمي في سجستان داره ... وحسبك منه أن يكون كحاتم
سما لبناء المكرمات فنالها ... بشدة ضرغام وبذل الدراهم
كان من جود ابن أبي بكرة أن أقبل من نعمان فعطش، فلما كان بالخريبة استسقى من منزل امرأة، فأخرجت كوزاً وقدحاً، وقامت خلف الباب فقالت: تنحوا عن الباب وليل أخذه مني بعض غلمانكم، فإني امرأة من العرب، ماتت خادمتي منذ أيام، فتنحوا، وأخذ بعض الغلمان الكوز، فشرب وقال لغلامه: احمل إليها عشرة آلاف درهم، فقالت: سبحان الله! تسخر بي! قال: احملوا إليها عشرين ألفاً، قالت: أسأل الله العافية: ياأمة الله، كأنك لا ترينا أهلاً أن تقبلي منا، احمل إليها ثلاثين ألفاً، فما أمست حتى كثر خطابها.
دخل الفرزدق على عبيد الله بن أبي بكرة يعوده وعنده متطبب يذوف له ترياقاً فأنشأ الفرزدق يقول:
ياطالب الطب من داء تخونه ... إن الطبيب الذي أبلاك بالداء
هو الطبيب فمنه البرء فالتمسن ... لامن يذوف له الترياق بالماء
فقال عبيد الله: والله لا أشربه أبداً، فما أمسى حتى وجد العافية.
توفي عبيد الله بن أبي بكرة بسجستان سنة تسع وسبعين، وقيل: سن ة ثمانين. قالوا: وكان عبيد الله جاء إلى سجستان فوهن وخار وأهلك جنده، وكان سلك مضيفاً فأخذ عليه، فهلك جنده.

الصفحة 10