كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 17)

بينكما على حدة "، قال: فلقينا بني زيد من اليمن فقاتلناهم، وظهر المسلمون على الكافرين، فقتلوا المقاتل وسبوا الذرية، واصطفى عليّ جارية من الفيء، فكتب معي خالد يقع في علي، وأمرني أن أنال منه.
قال: فلما أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأيت الكراهية في وجهه، فقلت: هذا مكان العائذ يا رسول الله، بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته، فبلغت ما أرسلني، قال: " يا بريدة: لا تقع في عليّ، عليٌّ مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي ".
وفي حديث آخر بمعناه: قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضاً لعليّ. قال: وكنت رجلاً إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي، وتكلمت فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد غضب غضباً لم أره غضب مثله قط إلا يوم قريظة والنضير، فنظر إليّ فقال: " يا بريدة، إن عليّاً وليكم بعدي، فأحب عليّاً فإنه يفعل ما يؤمر ". قال: فقمت وما أحد من الناس أحب إليّ منه.
قال عبد الله بن عطاء: حدثت بذلك أبا حرب بن سويد بن عفلة، فقال: كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث؛ إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: " أنافقت بعدي يا بريدة؟ " وفي حديث آخر فقال: " يا بريدة، أتبغض علياً؟ " قال: قلت: نعم، قال: " فأحبّه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك ".
وعن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشين وأمّر على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: " إذا كان قتال فعليٌّ على الناس ".
قال: ففتح عليٌّ قصراً، فاتّخذ لنفسه جارية، فكتب معي خالد بن الوليد يشي به، فلما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكتاب قال: " ما تقول في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " قال: قلت: أعوذ بالله من غضب الله.

الصفحة 349