كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 17)

قال: فلما فرغ علي وانصفق من اليمن راجعاً، أمّر علينا إنساناً فأسرع هو فأدرك الحج، فلما قضى حجّته قال له النّبي صلّى الله عليه وسلّم: " ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم ".
قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه ففعل، فلما جاء عرف في إبل الصدقة أنا قد ركبت، رأى أثر الراكب، فذمّ الذي أمّره ولامه، فقال: أما إنّ لله عليّ إن قدمت المدينة لأذكرنّ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولأخبرنّه ما لقينا من الغلظة والتّضييق.
قال: فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أريد أن أفعل ما كنت قد حلفت عليه، فلقيت أبا بكر خارجاً من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما رآني قعد معي ورحّب بي، وساءلني وساءلته، وقال: متى قدمت؟ قلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل وقال: هذا سعد بن مالك، ابن الشهيد، قال: ائذن له فدخلت فحيّيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحيّاني وسلّم عليّ، وساءلني عن نفسي وعن أهلي فأحفى في المسألة، فقلت: يا رسول الله، ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتّضييق فانتبذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وجعلت أنا أعدّد ما لقينا منه حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على فخذي، وكنت منه قريباً، وقال: " سعد بن مالك ابن الشهيد، مه بعض قولك لأخيك علي، فوالله، لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله ".
قال: فقلت في نفسي: ثكلتك أمك، سعد بن مالك، ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم وما أدري؟ لا جرم، والله لا أذكره بسوء أبداً سرّاً ولا علانية.
وعن عمرو مع علي بن أبي طالب إلى اليمن فأجفاني، فأظهرت لائمة علي بالمدينة حتى فشا ذلك، فدخلت المسجد مرجع النّبي صلّى الله عليه وسلّم ذات غداة، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالس،

الصفحة 351