كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 17)

وعن زياد بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرّحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم يقول: " من كنت مولاه فإن هذا مولاه ".
قال رياح: فلما مضوا تبعتهم، فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري.
وعن حذيفة بن أسيد قال:
لما قفل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات البطحاء متقاربات أن ينزلوا حولهن، ثم بعث إليهن، فصلى تحتهن، ثم قام فقال: " أيها الناس: قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول، وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وجهدت، فجزاك الله خيراً، قال: " ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن جنته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث بعد الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ " قالوا: بلى، نشهد بذلك، قال: " اللهم اشهد ".
ثم قال: " أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ".
ثم قال: " أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان فضّة، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثّقلين، فانظروا كيف تخلفونني فيهما، الثّقل الأكبر كتاب الله، سببّ طرفه بيد الله عزّ وجلّ، وطرفٌ بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبّأني اللطيف الخبير أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ".

الصفحة 353