كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

بتاجه، واشتمل بساجه، وأومأ بعينيه يميناً وشمالاً، وقد تفرّشت جماهير قريش، وسادات العرب أسفل السرير من قحطان، ومعه رجلان على سريره: عقيل بن أبي طالب، والحسن بن علي، وامرأة من وراء الحجاب تشير بكمّيها يميناً وشمالاً فقالت: يا أمير المؤمنين، ما بتّ الليلة، أرقة، قال لها معاوية: أمن ألمٍ؟ قالت: لا، ولكن من اختلاف رأي الناس فيك وفي عليّ بن أبي طالب. صخر بن حرب ابن أميّة، وكان أميّة من قريش لبابها، فقالت في معاوية فأكثرت، وهو مقبل على عقيل والحسن، فقال معاوية: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: من صلّى أربعاً قبل الهر، وأرباً بعدها حرّم على النّار أن تأكله أبداً، ثمّ قال لها: أفي علي تقولين: المطعم في الكربات، المفرّج للكربات مع ما سبق لعلي من العناصير السرية، والشيم الرّضية والشرف، فكان كالأسد الحادر، والربيع النائر، والفرات الزاخر، والقمر الزاهر: فأما الأسد فأشبه علي منه صرامته ومضاءه، وأما الرّبيع فأشبه علي منه حسنه وبهاءه، وأما الفرات فأشبه علي منه طيبه وسخاءه، فما تغطمطت عليه قماقم العرب السادة، من أول العرب عبد مناف، وهاشم، وعبّاس القماقم، والعباس صنو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبوه وعمه، أكرم به أباً وعمّاً، ولنعم ترجمان القرآن ولده، يعني: عبد الله بن عبّاس كهل الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول، خيار خلق الله، وعترة نبيّه، خيار ابن أخيار، فقال عقيل بن أبي طالب: يا بنت أبي سفيان، لو أن لعلي بيتين: بيت من تبر، والآخر تبن بدأ بالتبر وهو الذهب، يا أبا يزيد، كيف لا أقول هذا في علي بن أبي طالب؟ وعلي من هامات قريش وذؤابتها، وسنام قائم عليها، وعليّ علامتها في شامخ؟ فقال له عقيل: وصلتك رحمّ يا أمير المؤمنين.
وعن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: قلت لعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة: ألا تخبرني عن أبي بكر وعلي؟ فإن أبا بكر كان له السّن والسّابقة مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم وهو ابن ستين سنة، وعلي ابن أربع وثلاثين سنة، ثم

الصفحة 30