كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

إن الناس صاغية إلى علي، فقال: أي ابن أخ، كان والله له ما شاء من ضرس قاطع، أبسطه في النسب وقرابته من النّبي صلّى الله عليه وسلّم ومصاهرته، والسّابقة في الإسلام، والعلم بالقرآن، والفقه والسّنّة، والنّجدة في الحرب، والجود في الماعون، كان والله له ما شاء الله من ضرس قاطع.
وحدّث سعيد عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وكانت ابنته تحت واقد بن عبد الله بن عمر: فدخل عبد الله بن عياش على ابنته، فقلت: يا أبا الحارث، ألا تخبرني عن عليّ بن أبي طالب؟ قال: أما والله يا ابن أخي إنّي به لخابر، قلت: وتقول ذاك ما هو؟ قال: كان رجلاً تلعابة، وكان إن شاء أن يقطع له ضرس قاطع قطع، قلت: وضرسه ذاك ما هو؟ قال: قراءة القرآن، وعلم بالقضاء، وبأسٌ، وجود، لا ينكس. قال الأسود بن قيس: فقلت له: ما تلعابة؟ قال: فيه مضاحكة.
وعن أبي الطفيل قال: قال بعض أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لقد كان لعليّ بن أبي طالب من السّوابق ما لو أن سابقة منها بين الخلائق لوسعتهم خيراً.
قال أحمد بن حنبل: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب كرّم الله وجهه.
قال البيهقي: وهذا لأن أمير المؤمنين عليّاً عاش بعد سائر الخلفاء حتى ظهر له مخالفون، وخرج عليه خارجون، فاحتاج من بقي من الصّحابة إلى رواية ما سمعوه في فضائله، وقرابته، ومناقبه، ومحاسنه ليردّوا بذلك عنه ما لا يليق به من القول والفعل، وهو أهل كلّ فضيلة ومنقبة، ومستحقّ لكلّ سابقة ومرتبة، ولم يكن أحد في وقته أحقّ بالخلافة منه، وكان في قعوده عن الطلب قبله محقّاً، وفي طلبه في وقته مستحقّاً، وهو كما

الصفحة 31