كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

خطب بها فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس احذروا الدنيا ولا تثقوا بها فإنها غرارة وآثروا الآخرة على الدنيا فأحبوها فبحب كل واحدة منهما يبغض الأخرى وإن هذا الأمر الذي هو أملك بنا لا يصلح آخره إلا بما صلح به أوله فلا يحتمله إلا أفضلكم مقدرة وأملككم لنفسه أشدكم في حال الشدة وأسلسكم في حال اللين وأعلمكم برأي ذوي الرأي لا يتشاغل بما لا يعنيه ولا يحزن لما لم ينزل به ولا يستحي من التعلم ولا يتحير عند البديهة قوي على الأمور لا يجوز لشئ منها حده بعدوان ولا تقصير يرصد لما هو آت عباده من الحذر والطاعة وهو عمر بن الخطاب ثم نزل فدخل فحمل الساخط إمارته الراضي بها على الدخول معهم توصلاوعن قيس بن أبي حازم قال خرج علينا عمر ومعه شديد مولى أبي بكر ومعه جريدة يجلس بها الناس فقال أيها الناس اسمعوا قول خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إني قد رضيت لكم عمر فبايعوه عن قيس قال رأيت عمر بيده عسيب نخل وهو يجلس الناس يقول اسمعوا لقول خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء مولى لأبي بكر - يقال له شديد - بصحيفة فقرأها على الناس فقال يقول أبو بكر اسمعوا وأطيعوا لمن في هذه الصحيفة فوالله ما ألوتكم قال قيس فرأيت عمر بعد ذلك على المنبر وبويع لعمر يوم مات أبو بكر لثمان بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرةوبويع لعمر وهو ابن اثنتين وأربعين سنة وقيل ابن ثلاث وأربعين سنة قال معروف بن خربوذ من انتهى إليه الشرف من قريش فوصله الإسلام عشرة نفر من عشرة بطون من هاشم وأمية ونوفل وأسد وعبد الدار وتيم ومخزوم وعدي وسهم وجمح فكان من بني عدي عمر بن الخطاب وكانت إليه السفارة إن وقعت حرب بين قريش وبين غيرهم بعثوه سفيرا وإن فاخرهم مفاخر بعثوه مفاخرا ورضوا به

الصفحة 312