كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

أبي بكر الصديق خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان من قد علمتم في كرمه ورغبته في لينه فكنت خادمه وجلوازه وكنت كالسيف المسلول بين يديه على الناس أخلط شدتي بلينه إلا أن يقوم إلي فأكف فلم أزل على ذلك حتى توفله الله وهو عني راض والحمد على ذلك كثيرا وأنا به أسعد ثم صار أمركم اليوم إلي وأنا أعلم أنه يقول قائل كان شديداً علينا والأمر إلى غيره فكيف به لما صار الأمر إليه فاعلموا أنكم لا تستنبئون عني أحدا قد عرفتموني وخبرتموني وقد عرفت بحمد الله من محمد نبيكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قد عرفت وما أصبحت نادما على شئ كنت أحب أن أسأل عنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا وقد سألته واعلموا أن شدتي التي كنتم ترونها ازدادت أضعافا إذ كان الأمر إلي على الظالم والمعتدي ولآخذ للمسلمين لضعيفهم من قويهم وإن بعد شدتي تلك واضع خدي إلى الأرض لأهل العفاف والكفاف إن كان بيني وبين نفر منكم شئ في أحكامكم أن أمشي معه إلى من أحب منكم فينظر فيما بيني وبينه فاتقوا الله عباد الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحضاري النصحية فيما ولاني الله من أمركم ثم نزل رضوان الله عليه
قال سعيد بن المسيب فوالله لقد وفى بما قال وزاد في موضع الشدة على أهل الريب والظلم والرفق بأهل الحق من كانوا وعن القاسم عن محمد قال قال عمر بن الخطاب ليعلم من ولي هذا الأمر من بعدي أن سيرده عنه القريب والبعيد إني لأقاتل الناس عن نفسي قتالا ولو علمت - إن علمت - أن أحدا من الناس أقوى عليه مني لكنت أن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أَلِيَه عن ابن عمر قال كان عمر إذا نهى الناس عن شئ جمع أهله وقال إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا وإنهم إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقعوا وإن هبتم هابوا وايم الله لا أوتى برجل منكم فعل الذي نهيت عنه إلا أضعفت عليه العقوبة لمكانه مني مرتين

الصفحة 315