كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

وفي حديث آخر: فقال له العباس: إنك يا علي إنما تعظم بالهجرة، وكأني بك بعد ثلاث عبد العصا.
وعن ابن عباس قال:
أرسل العباس بن عبد المطلب إلى بني عبد المطلب، فجمعهم عنده، قال: وكان علي عنده بمنزلة لم يكن أحد بها، فقال العباس: يا بن أخي، إني قد رأيت رأياً لم أحب أن أقطع فيه شيئاً حتى أستشيرك، فقال علي: وما هو؟ قال: ندخل على النبي صلّى الله عليه وسلّم فنسأله إلى من هذا الأمر من بعده؟ فإن كان فينا نسلّمه والله ما بقي منا في الأرض طارف، وإن كان في غيرنا لم نطلبها بعد أبداً، فقال علي: يا عم، وهو هذا الأمر إلا إليك؟ وهل من أحد ينازعكم في هذا الأمر؟ قال: فتفرقوا، ولم يدخلوا على النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وعن علي بن أبي طالب قال: لقيني العباس فقال: يا علي، انطلق بنا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فإن كان لنا من الأمر شيء، وإلا أوصى بنا الناس، فدخلنا عليه وهو مغمى عليه فرفع رأسه فقال: " لعن الله اليهود، اتخذوا قبور الأنبياء مساجد "، ثم قالها الثالثة. فلما رأينا ما به خرجنا، ولم نسله عن شيء، قال: فسمعت علياً يقول: يا ليتني أطعت عباساً، يا ليتني أطعت عباساً.
وعن الأقرع مؤذن عمر أن عمر مر على الأسقف، فقال: هل تجدون في شيء من كتبكم؟ قالوا: نجد صفتكم وأعمالكم، ولا نجد أسماءكم، قال: كيف تجدوني؟ قالوا: قرن من حديد، قال عمرك قرن من حديد؟ وماذا؟ قال: أمير شديد، قال عمر: الله أكبر والحمد لله، قال: والذي بعدي؟ قال رجل صالح، يؤثر أقرباءه، فقال عمر: يرحم الله ابن عفان، قال: والذي من بعده؟ فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين، إنه رجل صالح، ولكن إمارته تكون في هراقة من الدماء، والسيف مسلول.
وعن عامر الشعبي قال: قال العباس لعلي بن أبي طالب حين مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم: إني أكاد أعرف في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الموت، فانطلق بنا إليه لنسله: من يستخلف؟ فإن استخلف منا فذاك

الصفحة 34