كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

أمام الركن يقدم القوم مررت بنا يوماً ونحن جلوس مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: " هذا غلق الفتنة وأشار بيده لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش هذا بين ظهرانيكم ".
وفي حديث غيره: قفل الفتنة.
مرّ عبد الله بن سلام بعبد الله بن عمر بن الخطاب وهو راقد في مشرقة، وفحركه برجله فقال: من هذا؟ قال: أنا عبد الله بن أمير المؤمنين عمر، قال: قم يا بن قفل جهنم، قال: فقام عبد الله وقد تغير لونه حتى أتى والده عمر، فقال: يا أبه، أما سمعت ما قال ابن سلام لي؟ قال: وما قال لك يا بني؟ قال: قال لي: قم يا بن قفل جهنم، قال: فقال عمر: الويل لعمر إن كان بعد عبادة أربعين سنة ومصاهرته رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقضاياه بين المسلمين بالاقتصاد أن يكون مصيره إلى جهنم حتى يعني يكون قفلاً لجهنم، قال: ثم قام وتقنّع بطيلسان له، وألقى الدرة على عاتقة فاستقبله عبد الله بن سلام، فقال له عمر: يا بن سلام، بلغني أنك قلت لابني: قم يا بن قفل جهنم، قال: نعم، قال عمر: وكيف علمت أني في جهنم، حتى أكون قفلاً لجهنم؟ قال: معاذ الله يا أمير المؤمنين أن تكون في جهنم، ولكنك قفل جهنم، قال: وهل يكون أحد لا يكون في جهنم وهو قفل جهنم؟ قال: نعم، قال: وكيف ذلك؟ قال: إنه أخبرني أبي عن آبائه عن موسى بن عمران عن جبريل عليه السلام أنه قال: يكون في أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم رجل يقال له: عمر بن الخطاب، أحسن الناس ديناً، وأحسنهم يقيناً. ما دام بينهم الدين عالٍ، والدين فاشٍ واستمسك بالعروة الوثقى من الدين فجهنم مقفلة، فإذا مات عمر يرق الدين، ويقل اليقين، وقلّ أعمار الصالحين، وافترق الناس على فرق من الأهواء، وفتحت أقفال جنهم، فيدخل في جهنم من الآدميين كثير.
قال كعب وهو عند عمر: ويل لملك الأرض من ملك السماء، فقال عمر: إلا من حاسب نفسه، فقال كعب: إنك مصراع الفتنة.

الصفحة 347