كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

وإلا أوصى بنا، قال: فقال علي للعباس: كلّمه فيها خفاء. فلما قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم قال العباس لعلي: ابسط يدك فلنبايعك، قال: فقبض يده، فقال عامر: لو أن علياً أطاع العباس في أحد الرأيين كان خيراً من حمر النّعم، قال عامر: لو أن العباس شهد بدراً ما فضّله أحد من الناس رأياً ولا عقلاً.
وعن عمرو بن ميمون قال: شهدت عمر بن الخطاب يوم طعن، قال: ادعوا لي علياً، وعثمان، وطلحة والزبير، وابن عوف، وسعد بن أبي وقاص، فلم يكلم أحداً منهم غير علي وعثمان فقال: يا علي، لعل هؤلاء القوم يعرفون لك حقك وقرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصهرك، وما آتاك الله من الفقه والعلم، فإن وليت هذا الأمر فاتق الله فيه، ثم دعا عثمان فقال: يا عثمان، لعل هؤلاء القوم أن يعرفوا لك صهرك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسنّك وشرفك، فإن وليت هذا الأمر فاتق الله فيه، ثم قال: ادعوا لي صهيباً فدعي له فقال: صلّ بالناس، ثلاثاً، وليحلّ هؤلاء القوم، في بيت، فإذا اجتمعوا على رجلٍ، فمن خالف فاضربوا رقبته. فلما خرجوا من عنده قال: إن يولوها الأجيلح يسلك بهم الطريق، فقال له ابنه ابن عمر: فما يمنعك يا أمير المؤمنين؟ قال: أكره أن أتحلها وحياً ميتاً.
وعن ابن عمر قال: قال عرم لأصحاب الشورى: لله درهم إن ولّوها الأصلع، كيف يحملهم على الحق، وإن حملاً على عنقه بالسيف، قال: فقلت: أتعلم ذاك منه ولا تولّه؟ فقال: إن أستخلف فقد أستخلف من هو خير مني، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني صلّى الله عليه وسلّم.
وعن أسلم مولى عمر بن الخطاب حين وقف عمر لم يولّ أحداً يعني: قال: ألا تصنع كما صنع أبو بكر؟ قال: ويحك! لو كنت أنت غلاماً، وكان معك غلمان أتراب نشأتم حتى بلغتم رجالاً، أليس كان يعرف بعضكم بعضاً؟ قال: بلى، قال: فإني والله هؤلاء نشأنا جميعاً، فلا أعرف مكان أحد أخصّه بهذا الأمر، ولكني جاعلها بين نفر رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحبهم.

الصفحة 35