كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

حتى نقسمها؟ قال: لا أظلها تحت سقف بيت حتى أمضيها، فأمر بها فوضعت في صرح المسجد، وباتوا يحرسونها. فلما أصبح أمر بها فكشف عنها، فرأى ما فيها من البيضاء والحمراء ما كان يتلألأ منه البصر، فبكى عمر، فقيل له: ما يبكيك يا أمير المؤمنين، فوالله إن هذا ليوم شكر، ويوم فرح، فقال عمر: إن هذا لم يعطه قوم قط إلا ألقى بينهم العداوة والبغضاء.
قال سلمة بن سعيد: أتي عمر بن الخطاب بمال، فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال: يا أمير المؤمنين، لو حبست من هذا المال في بيت المال لنائبة تكون أو أمرٍ يحدث، فقال: كلمة ما عرض بها إلا شيطان كفاني الله حجتها، ووقاني فتنتها، أعصي الله العام مخافة قابل، أعدّ لهم تقوى الله تعالى. قال الله تعالى: " ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب " وليكون فتنة على من يكون بعدي.
وعن سعيد بن المسيب قال:
انكسر بعي رمن مال الله فنحره عمر، وصنعه، ودعا عليه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال العباس بن عبد المطلب: يا أمير المؤمنين، لو صنعت لنا في كل يوم مثل هذا أصبنا منه، وتحدثنا عندك، فقال عمر، يهون عليك جوع امرأة بسلع؟ إنه كان لي صاحبان عملا عملاً، وسلكا طريقاً إن عملت مثل عملهما سلكت طريقهما، وإن عملت بغيره لم أسلك طريقهما.
وعن أسلم: أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له يعني: هنيّ على الحمى، فقال: يا هنيّ، اضمم جناحك عن المسلمين، واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مستجابة، وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة، وإياي ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعا إلى زرع ونخل، وإن رب الصريمة ورب الغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني

الصفحة 350