كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

ولكنه رأيٌ رأيناه، فاستخلف أبو بكر، فقام واستقام، ثم استخلف عمر، فقام واستقام، ثم ضرب الدين بجرانه، وإن أقواماً طلبوا الدنيا، فمن شاء الله منهم أن يعذّب عذّب، ومن شاء أن يرحم رحم.
وعن قيس بن عباد قال: كنا مع علي، فكان إذا شهد مشهداً، أو أشرف على أكمة، أو هبط وادياً قال: سبحان الله، صدق الله ورسوله، فقلت لرجل من بني يشكر: انطلق بنا إلى أمير المؤمنين حتى نسأله عن قوله: صدق الله ورسوله، قال: فانطلقنا إليه، فقلنا: يا أمير المؤمنين، رأيناك إذا شهدت مشهداًن أو هبطت وادياً، أو أشرفت على أكمة قلت: صدق الله ورسوله، فهل عهد إليك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئاً في ذلك؟ قال: فأعرض عنا، وألححنا عليه. فلما رأى ذلك قال: والله ما عهد إلي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهداً إلا شيئاً عهده إلى الناس، ولكن الناس وقعوا على عثمان فقتلوه، فكان غيري فيه أسوأ حالاً وفعلاً مني ثم إني رايت أني أحقهم بهذا الأمر، فوثبت عليه، فالله أعلم أصبنا أم أخطأنا.
وعن علي بن أبي طالب قال: قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا أرى أني أحق الناس بهذا الأمر، فاجتمع الناس على أبي بكر، فسمعت وأطعت، ثم إن أبا بكر حضر فكنت أرى أن لا يعدلها عني، فولى عمر، فسمعت وأطعت، ثم إن عمر أصيب، فظننت أنه لا يعدلها عني فجعلها في ستةٍ أنا أحدهم، فولاها عثمان، فسمعت وأطعت، ثم إن عثمان قتل، فجاؤوني فبايعوني طائعين غير مكرهين. فوالله ما وجدت إلا السيف أو الكفر بما أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وعن الحسن قال:
لما قدم عليّ البصرة في إثر طلحة وأصحابه قام عبد الله بن الكوا وابن عباد فقالا: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن مسيرك هذا، أوصية أوصاك بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ام عهد عهده إليك، أم رأي رأيته حين تفرقت الأمة، واختلفت كلمتها؟ فقال: ما أكون أول كاذب عليه وفي رواية: ولا والله إن كنت أول من صدق به، فلا أكون أول من كذب عليه والله ما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم موت فجاءة، ولا قتل قتلاً زاد في رواية: ولو كان

الصفحة 41