كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

عندي من النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك عهد ما تركت أخا تيم بن مرة وعمر بن الخطاب يقومان على منبره، ولقاتلتهما بيدي، ولو لم أجد إلا بردي هذا قال: ولقد مكث في مرضه كل ذلك يأيته المؤذن فيؤذنه بالصلاة، فيقول: مروا أبا بكر ليصلي بالناس، ولقد تركني وهو يرى مكاني، ولو عهد إلى شيئاً لقمت به، حتى عرضت في ذلك امرأة من نسائه فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق، إذا قام مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر أن يصلي بالناس، فقال لها: إنكنّ صواحب يوسف. فلما قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نظر المسلمون في أمرهم، فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد ولى أبا بكر أمر دينهم، فولّوه أمر دنياهم، فبايعه المسلمون، وبايعته معهم، فكنت أغزو إذا أغزاني، وآخذ إذا أعطاني، وكنت سوطاً بين يديه في إقامة الحدود، فلو كانت محاباة عند حضور موته لجعلها في ولده، فأشار بعمر، ولم يأل، فبايعه المسلمون وبايعته معهم، فكنت أغزو إذا أغزاني، وآخذ إذا أعطاني، وكنت سوطاً بين يديه في إقامة الحدود، فلو كانت محاباة عند حضور موته لجعلها في ولده، وكره أن ينتخب منا معشر قريش رجلاً فيوليه أمر الأمة، فلا يكون فيه إساءة لمن بعده إلا لحقت عمر في قبره، فاختار منا ستة، أنا فيهم، لنختار للأمة رجلاً منا. فلما اجتمعنا وثب عبد الرحمن فوهب لنا نصيبه منها، على أن نعطيه مواثيقنا على أن نختار من الخمسة رجلاً، فنوليه أمر الأمة، فأعطيناه مواثيقنا، فأخذ بيد عثمان فبايعه، ولقد عرض في نفسي ذلك. فلما نظرت في أمري فإذا عهدي قد سبق بيعتي، فبايعت وسلمت، فكنت أغزو إذا أغزاني، وآخذ إذا أعطاني. فلما قتل عثمان نظرت في أمري، فإذا الرّبقة التي كان لأبي بكر وعمر في عنقي قد انحلّت، وإذا العهد لعثمان قد وفيت به، وإذا أنا رجل من المسلمين ليس لأحد عندي دعوى، ولا طلبة، فوب فيها من ليس مثلي يعني: معاوية لا قرابته كقرابتي، ولا علمه كعلمي، ولا سابقته كسابقتي، وكنت أحقّ بها منه، قالا: صدقت، فأخبرنا، عن قتالك هذين الرجلين يعنيان: طلحة والزبير صاحباك في الهجرة، وصاحباك في بيعة الرضوان، وصاحباك في المشورة. قال: بايعاني بالمدينة، وخلعاني بالبصرة، ولو أن رجلاً ممن بايع أبا بكر خلعه لقاتلناه، ولو أن رجلاً ممن بايع عمر خلعه لقاتلناه.

الصفحة 42