كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

قال المدائني: لما دخل علي بن أبي طالب الكوفة دخل عليه رجل من حكماء العرب فقال: والله يا أمير المؤمنين، لقد زنت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، وهي كانت أحوج إليك منك إليها.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كنت بين يدي أبي جالساً ذات يوم، فجاءت طائفة من الكرخيين، فذكروا خلافة أبي بكر، وخلافة عمر، وخلافة عثمان بن عفان، فأكثروا، وذكروا خلافة علي بن أبي طالب، وزادوا، فأطالوا، فرفع أبي رأسه إليهم فقال: يا هؤلاء، قد أكثرتم في علي والخلافة، وعلى أن الخلافة لم تزين علياً بل عليٌّ زينها. قال السياري: حدثت بهذا الحديث بعض الشيعة، فقال لي: قد أخرجت نصف ما كان في قلبي على أحمد بن حنبل من البغض.
قال إبراهيم بن علي الطبري: صرت إلى أحمد بن حنبل رضي الله عنه، فسألته عن خلافة علي رضي الله عنه: هل تثبت؟ فقال: ما سؤالك عن هذا؟! فقلت: إن الناس يزعمون أنك قلت: لا تثبت خلافته، فاستنكر ذلك وقال: أنا أقول ذلك؟! وأسبلت عيناه، ثم قال: يا هذا، قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد صلى خلفه ثلاثون ألف رجل، فجاؤوا بجماعتهم، فقدموا أبا بكر رضي الله عنه، فقدموه فأقول: أخطأ القوم وأصبت؟! ثم فشا الإسلام بعده فجاؤوا إلى عمر رضي الله عنه، فقدموه فأقول: أخطأ القوم وأصبت؟! ثم فتحت الفتوح، وفشا الإسلام، فصار المسلمون أضعاف هذه العدة مضاعفة، فقدموا عثمان رضي الله عنه، فأقول: أخطأ القوم وأصبت؟! ثم زاد الإسلام وفشا، ثم قدموا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأقول: أخطأ القوم وأصبت؟!.
وعن علي قال: إن القرية ليكون فيها الشّيعة فندفع بهم عنها ثم قال: أبيتم إلا أن أقولها، فوالله لعهدّ إليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن الأمة ستغدر بي.

الصفحة 44