كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

وعن ابن عباس قال: خرجنا مع علي إلى الجمل ست مئة رجل، فسلكنا على الرّبذة، فنزلناها فقام غليه ابنه الحسن بن علي فبكى بين يديه، وقال: ائذن لي فأتكلم، فقال علي: تكلم، ودع عنك أن تخنّ خنين الجارية، فقال حسن: إني كنت أشرت عليك بالمقام، وأنا أشير به عليك الآن، إن للعرب جولة، ولو قد رجعت إليها عوازب أحلامها، قد ضربت إليك أبساط الإبل حتى يستخرجوك، ولو كنت في مثل جحر الضبّ، فقال علي: أتراني لا أبالك كنت منتظراً كما تنتظر الضبع الدم؟! وعن مالك بن الحويرث قال: قام علي بن أبي طالب بالرّبذة فقال: من أحب أن يلحقنا فليلحقنا، ومن أحب أن يرجع فليرجع، مأذون له غير حرج، فقام الحسن بن علي فقال: يا أبه أو يا أمير المؤمنين لو كنت في جحر، وكان للعرب فيك حاجة لاستخرجوك من جحرك، فقال: الحمد لله الذي يبتلي من يشاء بما يشاء، ويعافي من يشاء مما يشاء، أما والله لقد ضربت هذا الأمر ظهراً لبطن أو ذنباً ورأساً، فوالله إن وجدت له إلا القتال، أو الكفر بالله، يحلف بالله عليه، اجلس يا بني ولا تخنّ خنين الجارية.
وروي أن بني عبس قالت لحذيفة: إن أمير المؤمنين عثمان قد قتل فما تأمرنا؟ قال: آمركم أن تلزموا عماراً، قالوا: إن عماراً لا يفارق علياً، قال: إن الحسد هو أهلك الحسد، وإنما ينفركم من عمار قربه من علي، فوالله لعلي أفضل من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب، وإن عماراً لمن الأخيار، وهو يعلم أنهم إن لزموا عماراً كانوا مع علي.
قال أبو شريح: كنا عند حذيفة بالمدائن، فأتاه الخبر أن عماراً والحسن بن علي قدما الكوفة، يستنفران الناس إلى أمير المؤمنين عليّ، فقال حذيفة: إن الحسن بن علي قدم يستنفر الناس إلى عدو الله وعدوكمن فمن أحب أن يلقى أمير المؤمنين حقاً حقاً فليأت علي بن أبي طالب.

الصفحة 47