كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

وصلوا السيوف بالخطا، والنبال بالرماح، فإنكم بعين الله، ومع ابن عم نبيه صلّى الله عليه وسلّم عاودوا الكرّ واستحيوا من الفرّ، فإنه عار باق في الأعقاب والأعناق ونار يوم الحساب، وطيبوا عن أنفسكم أنفساً، وامشوا إلى الموت سجحاً، وعليكم بهذا السواد الأعظم، والرّاق المطنّب فاضربوا ثبجه، فإن الشيطان راكب صعبه، ومفرش ذراعيه، قد قدّم للوثبة يداً، وأخرّ للنكوص رجلاً، فصمداً صمداً حتى ينجلي لكم عمود الدين " وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ".
قوله: سراجاً سليط السليط: الزيت، وهو عند قوم دهن السمسم. وقوله: يحمشهم أي يغضبهم، وأحمشت النار إذا ألهبتها. والكثف الجماعة، ومنه التكاثف والحشد نحوه. وقوله: وغضوا الأصوات وفي رواية: وعنّوا الأصوات إن كان بفتح العين وتشديد النون فإنه أراد احبسوها واخفوها، نهاهم عن اللّغط، والتعنية: الحبس، ومنه قيل للأسير: عانٍ، واللّؤم جمع لأمة على غير قياس، واللأمة: الدرع. والجنن الترسة، يقول: اجعلوها خفافاً. وأقلقوا السيوف في الغمد يريد: سهلوا سلّها قبل أن تحتاجوا إلى ذلك، لئلا يعسر عليكم عند الحاجة إليها. والظبا جمع ظبة السيف: أي حدّه. وقوله: وصلوا السيوف بالخطا يقول: إذا قصرت عن الضرائب تقدمتم وأسرعتم حتى تلحقوا. وقوله: والرماح بالنبل يريد: إذا قصرت الرماح ببعد من تريد أن تطعنه منك رميته بالنبل. وقوله: امشوا إلى الموت مشية سجحاً أو سجحاً أي سهلة، لا تنكلوا، ومنه قول عائشة لعلي يوم الجمل: ملكت فأسجح، أي سهّل. ويقال: خدّ أسجح أي سهل. وقوله: عليكم الرّواق المطنّب يعني: رواق البيت المشدود بالأطناب، وهي حبال تشدّ به، وهذا مثل قول عائشة: ضرب الشيطان روقه ومدّ طنبه، وقوله: قد قدّم للوثبة يداً وأخّر للنكوص رجلاً، وهو مثل قوله تعالى: " وإذ زيّن لهم الشّيطان أعمالهم " إلى قوله " نكص على

الصفحة 50