كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

عقبيه " أي رجع على عقبيه، وأراد على أنه قد قدم يداً ليثب إن رأى فرصة، وإن رأى الأمر على ما هو معه نكص رجلاً، وقوله في رواية: والحظوا الشّزر هو النظر بمؤخر العين نظر العدو والمبغض. يقول: الحظوهم شزراً، ولا تنظروا إليهم نظراً يبين لهم، فإن ذلك أهيب لكم في صدروهم.
خرج عبد الله بن شداد بن الهاد على عائشة مرجعه من العراق ليالي قتل علي، فقالت: يا عبد الله بن شداد، هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ قال: وما لي لا أصدقك؟! قالت: فحدثني عن قصتهم قال:
فإن علياً لما كاتب معاوية وحكّم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، حتى نزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، عتبوا عليه قالوا: انسلخت من قميصٍ ألبسك الله، واسمٍ سمّاك الله به، ثم انطلقت فحكّمت في دين الله الرجال، فلا حكم إلا لله. فلما بلغ علياً ما عتبوا عليه ففارقوا أمره أذّن مؤذّن ألا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد قرأ القرآن. فلما امتلأت الدار من قراء الناس جاء بالمصحف إماماً عظيماً فوضعه علي بين يديه، وطفق يحركه بيده ويقول: أيها المصحف، حدّث الناس، فناداه الناس: ما تسأل عنه! إنما هو مداد وورق، ونحن نتكلم بما روينا منه، فماذا تريد؟ فقال: أصحابكم الذين خرجوا، بيني وبينهم كتاب الله. يقول الله في كتابه في امرأة ورجل " فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها " إلى قوله: " يوفّق الله بينهما " الآية فأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم أعظم حقاً وحرمة من امرأة ورجل. ونقموا عليّ أني كاتبت معاوية، كتبت: علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو ونحن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحديبية حين صالح قومه قريشاً فكتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " بسم الله الرحمن الرحيم " قال سهيل: لا أكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: " كيف تكتب؟ " فقال: باسمك اللهم، فكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اكتب محمد رسول الله "، فقال: لو نعلم أنك رسول الله ما خالفناك، فكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله

الصفحة 51