كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

قريشاً، يقول الله عزّ وجلّ في كتابه " لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ". فبعث إليهم عبد الله بن عباس فخرجت معه، حتى توسطنا عسكرهم فقال عبد الله بن شداد: فقام ابن الكوا فخطب الناس فقال: يا حملة القرآن، إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله، هو الذي نزل فيه وفي قومه " بل هم قومٌ خصمون " فردّوه إلى صاحبه، ولا تواضعوا كتاب الله، فقام خطباؤهم فقالوا: بلى والله لنواضعنّه كتاب الله فإن جاء بحق نعرفه اتبعناه. وإن جاء بباطل لنبكّتنّه بباطله ولنردّنّه إلى صاحبه، فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام. قالوا: كيف قلت يا بنعباس؟ قال: قلت: ما الذي تتكلمون على صهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وابن عمه؟ قالوا: ثلاث خصال: قال: فما هنّ؟ قالوا: أما واحدة فإنما قاتل ولم يسب، ولم يغنم، فإن كان القوم كفاراً فقد أحلّ الله دماءهم ونساءهم، وإن كانوا غير ذلك فبم استحل ما صنع بهم؟. وأما الثانية فإنه حكّم الرجال في أمر الله، وفي دين الله، فما للرجال والحكم في دين الله بعد قوله: " إن الحكم إلاّ لله " وأما الثالثة فإنه محا نفسه، وهو أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، قال ابن عباس: هل عندكم غير هذا؟ قالوا: حسبنا خصلة من هذه الخصال، قال: فإن أنا أتيتكم من كتاب الله ما ينقض قولكم هذا فترجعون؟ قالوا: نعم، قال: قال: فإن الله قد صير حكمه حكم الرجال في كتابه ما لا يقبل غيره " يا أيّها الّذين آمنوا لا تقتلوا الصّيد وأنتم حرمٌ ومن قتله منكم متعمّداً فجزاءٌ مثل ما قتل من النّعم يحكم به ذوا عدلٍ منكم " وقال في آية أخرى: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفّق الله بينهما " أخرجت لكم من هذه؟

الصفحة 52