كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

قالوا: نعم. وأما قولكم: قاتل ولم يسب ولم يغنم فاتكم كان يسبي عائشة، فإن قلتم: إنما نستحل منها ما نستحل من المشركات بعد قول الله تعالى: " وأزواجه أمّهاتكم " فقد خرجتم من الإسلام، فأنتم بين ضلالتين، فاخرجوا من إحداهما إن كنتم صادقين، قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم. وأما قولكم: إنه محى اسمه وهو أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، فأنا آتيكم برجال ممن ترضون؛ إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الموادعة كتب: هذا ما اصطلح عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو سفيان وسهيل بن عمرو فمحو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد الوحي والنبوة أعظم أو محو علي بن أبي طالب نفسه يوم الحكمين؟ قالوا: بل محو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.
قال عبد الله بن شداد: فرجع منهم أربعة آلاف فيهم ابن الكوا حتى أدخلناهم على علي بالكوفة، فبعث علي إلى بقيتهم، فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، فاعتلوا حين شئتم حتى تجتمع أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم فتوجهوا منها حيث شئتم، بيننا وبينكم أن تسفكوا دماً حراماً، أو تقطعوا سبيلاً، أو تظلموا الأمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء " إنّ الله لا يحبّ الخائنين ".
فقالت عائشة: يا بن شداد، فلم قتلهم؟ قال: فوالله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبل، وسفكوا الدم، واستحلوا أهل الذمة، قالت: الله الذي لا إله إلا هو لقد كان؟ قال: نعم، قالت: فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثون: ذو الثديّة؟ قال: قد رأيته وقمت عليه مع علي في القتلى فدعا الناس فقال: هل تعرفون هذا؟ فما أكثر من قال: رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ورأيته في مسجد فلان يصلي، قالت: فما قال علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله، قالت: نعم، صدق الله ورسوله، رحم الله علياً لئن كان من قوله إذا رأى شيئاً يعجبه قال: صدق الله ورسوله، قال: فذهب أهل العراق يكذبون عليه ويزيدون عليه الحديث.

الصفحة 53