كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

خطبته ثم قام آخر، فتكلم، فخطب نحواً من خطبة صاحبه ثم قال في آخر كلامه: إن طاعة هذا طاعة للربّ تعالى، ومعصيته معصية للربّ تعالى يعني: علياً فقال له علي: كذبت، فما هزّه قول علي حين كذبه أن مضى في خطبته حتى فرغ، ثم قام الثالث فتكلم، وخطب نحواً من خطبة صاحبيه، غير أنه لم يذكر شيئاً من ذكر علي، ثم قام علي فحمد الله، وأثنى عليه، فأجاب الأول في خطبته حتى فرغ، ثم أجاب الثاني، ثم أجاب الثالث، ثم قال: كل خطبائكم قد أحسن إلا ما كان من كلام هذا الخطيب الثاني الذي زعم أن طاعتي طاعة للربّ تعالى، وأن معصيتي معصية للربّ تعالى، ولست كذلك، إنما ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي طاعته طاعة للربّ، ومعصيته معصية للربّ تعالى.
وعن عثمان بن أبي عثمان قال: جاء أناس إلى علي بن أبي طالب من الشيعة، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أنت هو؟ قال: من أنا؟ قالوا أنت هو، قال: ويلكم! من أنا؟! قالوا: أنت ربّنا، أنت ربّنا، قال: ارجعوا فأبوا، فضرب أعناقهم، ثم جدلهم في الأرض، ثم قال: يا قنبر، ائتني بحزم الحطب، فأحرقهم بالنار ثم قال: الرجز
لما رأيت الأمر أمراً منكراً ... أوقدت ناري ودعوت قنبرا
قال أبو صالح السمان: رأيت علياً دخل بيت المال، فرأى فيه شيئاً فقال: ألا ارى هذا هاهنا، وبالناس إليه حاجة؟! فأمر به فقسم، وأمر بالبيت فنكسن ونضح، فصلى فيه، أو قال فيه، يعني: نام.
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: لم يرزأ علي بن أبي طالب من بيت مالنا، يعني بالبصرة، حتى فارقنا عن دبة محشوة، وخميصة درابجرديّة.

الصفحة 57