كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

له المغنم، وتدفع عنه المغرم، فكذلك المرء المسلم البريء من الخيانة بين إحدى الحسنيين. إذا ما دعا الله، فما عند الله خير له، وإما أن يرزقه الله مالاً، وإذا هو ذو أهل ومال، ومعه حسبه ودينه. الحرث حرثان: فحرث الدنيا: المال والبنون، وحرث الآخرة: الباقيات الصالحات، وقد يجمعهما الله لأقوام.
قال سفيان: ومن يحسن يتكلم بهذا الكلام إلا علي؟.
وعن علي بن أبي طالب أنه قال: ذمتي رهينة، وأنا به زعيم، لا يهيج على التقوى زرع قوم، ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل، وإن أجهل الناس من لم يعرف قدره، وكفى بالمرء جهلاً ألا يعرف قدره، وإن أبغض الناس إلى الله عزّ وجلّ رجل قمش علماً في أغمار من الناس غشّوه، أغار فيه بأغبار الفتنة، عمي عمّا في رتب الفتنة سماه أشباه الناس عالماً ويم يغن في العلم، ذكر فاستكثر ما قلّ منه، وما قل منه خير مما أكثر، حتى ارتوى من آجن، واستكثر من غير طائل، جلس للناس مغيثاً لتخليص ما التبس على غيره، فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشواً من رأيه، فهو من قطع المشتبهات في مثل نسج العنكبوت، لا يدري أخطأ أم أصاب، خبّاط جهالات، ركّاب عمايات، لا يعتذر مما لا يعلم ليسلم، ولا يعضّ على العلم بضرسٍ قاطع فيغنم، تبكي منه الدماء، وتصرخ منه المواريث، ويستحل بقضائه الفرج الحرام لا مليءٌ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا هو أهل لما قرّظ به، أولئك الذين حقت عليهم النياحة أيام الدنيا.

الصفحة 70