كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

قال: وهذا الفريق الذين وصفهم أمير المؤمنين في الجهالة الأراذل السّفلة قد كثروا في زماننا، وغلبوا على أهله، واستعلوا على علمائه، والربانيين فيه، وإلى الله المشتكى. وقد تظاهرت الأخبار عن سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا.
وعن الحسن بن علي قال: قال لي أبي علي بن أبي طالب: أي بنيّ، لا تخلّفنّ وراءك شيئاً من الدنيا، فإنك تخلّفه لأحد رجلين: إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما سعيت به، وإما رجل عمل فه بمعصية الله فكنت عوناً له على ذلك. وليس أحد هذين بحقيق أن تؤثره على نفسك.
وعن علي قال: كونوا في الناس كالنحلة في الطير، إنه ليس في الطير شيء إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها، خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم فإن للمرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحبّ.
وعن علي بن أبي طالب قال: التوفيق خير قائد، وحسن الخلق خير قرين، والعقل خير صاحب، والأدب خير ميراث، والوحشة أشد من العجب.
وعن علي بن أبي طالب أنه قال: يا حملة القرآن، اعملوا به، فإنما العالم من علم ثم عمل بما علم، ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، تخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف عملهم علمهم، يجلسون حلقاً، فيباهي بعضهم بعضاً، حتى إن الرجل يغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه. أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله.
وعن علي بن أبي طالب قال: وأبردها على الكبد إذا سئلت عما لا أعلم أن أقول: الله أعلم.

الصفحة 71