كتاب مختصر تاريخ دمشق (اسم الجزء: 18)

وعن علي قال: كلمات لو رحلتم فيهن المطي لأنضيتموهنّ قبل أن تدركوا مثلهن: لا يرج عبدٌ إلا ربّه، ولا يخافنّ إلا دينه، ولا يستحي من لا يعلم أن يتعلم، ولا يستحي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم وفي رواية: أن يقول: لا أعلم واعلموا أن منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.
وعن علي قال:
ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه؟ الذي لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يرخّص لهم في معاصي الله، ولا يدع القرآن رغبة إلى غيره. إنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا خير في علم لا فقه فيه، ولا خير في قراءة لا تدبّر فيها.
وعن علي قال: كونوا بقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، فإنه لن يقلّ عمل مع التقوى، وكيف يقلّ عمل يتقبّل؟.
قال عكرمة: لما قدم علي من صفين قام إليه شيخ من أصحابه فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن مسيرنا هذا إلى أهل الشام: بقضاء وقدر؟ فقال علي: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما قطعنا وادياً، ولا علونا تلعة إلا بقضاء وقدر، فقال الشيخ: عند الله احتسبت عنائي، فقال علي: ولم يك أعظم الله أجركم في مسيرنا، وأنتم مصعدون، وفي منحدركم وأنتم منحدرون، وما كنتم في شيء من أموركم مكرهين، ولا إليها مضطرين، فقال الشيخ: كيف يا أمير المؤمنين والقضاء والقدر ساقنا إليها؟ قال: ويحك! لعلك ظننته قضاء لازماً، وقدراً حاتماً، لو كان ذلك لسقط الوعد والوعيد، ولبطل الثواب والعقاب، ولا أتت لائمة من الله لمذنب، ولا محمدة من الله لمحسن، ولا كان المحسن أولى بثوب الإحسان من المذنب. ذلك مقال إخوان عبدة الأوثان، وجنود الشيطان، وخصماء الرحمن، وهم قدريّة هذه الأمة ومجوسها، ولكن الله تعالى أمر بالخير تخيراً، ونهى عن الشر تحذيراً، ولم يعص مغلوباً، ولم يطع مكرهاً، ولم يملك تعويضاً، ولا خلق السموات والأرض، وما

الصفحة 72